كتاب سبر

قضاء «الخمسين» وشيوخه!!

ما يجرى الآن بلجنة الخمسين فى كتابة دستور جديد للبلاد أو حتى فى ترقيعاته على دستور الإخوان لا يدعو للتفاؤل. 
فيبدو أننا نعود سنوات كثيرة إلى الوراء بعد أن كنا تخيلنا أننا نتقدم ونضع أيدينا فى بناء دولة جديدة مدنية ديمقراطية حديثة.. بعد التخلص من حكم الإخوان ودستورهم الطائفى الذى كانوا يسعون به إلى بناء دولتهم الخاصة.. والتى كانوا يريدون بها عزبة خاصة للإخوان وتابعة للتنظيم الدولى.. واستطاعوا أن يحشدوا له قوى كانت تدّعى الوسطية والاعتدال والاستقلال، فإذا بهم جميعًا ينحازون إلى الإخوان.. وكأنهم -أو هم كذلك- خلايا نائمة يعملون لصالح الإخوان.. فضلًا عن استعانة الجماعة بالإرهابيين القدامى وتوزيع المغانم عليهم من منح ووظائف وحصانات ودور فى الدستور من أجل المساعدة فى تنفيذ خططهم.. وهم الآن يردّون الجميل بمساعدتهم فى ترويع وإرهاب الشعب وتخريب البلاد. 
فالشعب ما زال يصر على دستور يضعه على طريق الديمقراطية التى ضحى من أجلها بالدم.
والشعب خرج فى ثورة 30 يونيو ضد حكم الإخوان ومندوبهم فى الرئاسة ودستورهم الطائفى الذى كانوا يدّعون به أنهم يمارسون الديمقراطية!!
فلا يُعقل أن يجرى الآن وضع دستور يسير على نفس طريق الإخوان.
بل يسعى البعض فى الدستور الجديد لمصالح شخصية أو فئوية!!
وبالطبع ما يفعله أعضاء اللجنة وما يطرحونه يدعو الهيئات للتناحر.. ويدعو الأفراد للبحث عن مكاسب بمن فيهم للأسف أعضاء فى لجنة الخمسين.
فهناك مَن يسعى إلى منصب بعد أن تنتهى أعمال اللجنة.
وهناك مَن يسعى إلى نفوذ لحزبه أو مجموعته أو حركته أو لوراثة مكان سابقيه.. وبدأ الصراع مبكرًا على التركة!! ومن هناك يحاول كل طرف ضبط النظام الانتخابى على مقاسه أو المقاس الذى يتخيّل أنه يكسبه.
فهل وصل الأمر إلى ذلك فى كتابة دستور يريد الشعب به ديمقراطية ومدنية حديثة.
نعم، وصل الأمر إلى ذلك.. وأكثر.
بل جعلوا هيئات قضائية تتشابك مع بعضها رغم أنهم كانوا فى إمكانهم تجنب ذلك بالسعى إلى تأكيد استقلال القضاء.. والذى أصبحت مصر فى حاجة إليه فعلًا خلال المرحلة القادمة.. وبعد أن أصبحت مصر ترتيبها الـ82 فى استقلال القضاء ضمن 148 دولة بالعالم.
فنحن فى حاجة إلى استقلال قضائى.
لا إلى تشابك بين الهيئات القضائية.
أى نعم، هناك قضاة مستقلون، لكن ليس هناك استقلال قضاء.. وحتى حكاية القضاة المستقلين بدأ البعض يتشكك فيها بعد أن استغل الإخوان تلك المجموعة التى كان يشيد بها الناس فى نضالهم ضد نظام مبارك.. فإذا بهم يقدمون خدماتهم للإخوان فى حكمهم الذى ذهب غير مأسوف عليه.
فكيف يحدث استقلال للقضاء.. والسادة فى لجنة الخمسين يعبثون فى مواد القضاة والسلطة القضائية!!
وحدث ولا حرج عما يدّعونه من عودة الشورى!
هل وصل بنا الأمر مرة أخرى إلى استعادة مؤسسات مبارك الاستبدادية الفاسدة والإخوان الفاشية؟!
وهل وصل بنا الأمر إلى الحفاظ على مؤسسات الإخوان التى استخدموها لصالح الأهل والعشيرة؟
وحتى لو غيروا اسمه إلى «الشيوخ».. فهو نفس الأمر.
نفس الأموال المهدرة.. سيقولون إن تكلفته 170 مليون جنيه فقط -كما كان يدّعى الإخوان بالضبط- وينسون تكلفة الانتخابات نفسها!!
فهل يريدونه كمكافأة لهم؟!
إن ما يجرى فى لجنة الخمسين يمكن وصفه بسهولة بأنه تهريج.. وليس على مستوى ثورة الشعب الذى أزاح نظامين استبداديين.