أقلامهم

مقال ساخن
عبدالهادي الجميل: الوشيحي فارس سطع نجمه.. وأثار غيرة الفرسان

9 ريختر

مما يروى في تراث البادية أن فارسا سطع نجمه في إحدى القبائل بعد شجاعته المنقطعة النظير التي أظهرها في المعارك، فكان يكر على صفوف الأعداء ولا ينثني أبدا إلّا بعد النصر، فأوغر ذلك قلوب بقية فرسان القبيلة عليه. والغيرة ليست حكرا على النساء، فالرجال تغار من بعضها البعض أحيانا.

بعد إحدى المعارك الظافرة اجتمعت القبيلة لدى أميرها كي يستمتعوا بالنصر عبر استذكار تفاصيل المعركة، فأثنى الأمير على شجاعة ذلك الفارس، فقال منافسوه تقليلا من شأنه: إن فرسه قحوم.

أي أن الشجاعة التي أظهرها في المعركة لم تكن تنبع من الفارس بل من فرسه التي تعوّدت على اقتحام صفوف الأعداء دون رغبة الفارس الذي يضطر مرغما للدفاع عن نفسه.

فرد عليهم الفارس بقصيدة يفتخر بها بنفسه، يقول في مطلعها:

قالوا قحوم وقلت سوّوا سواتي      أرخوا أعنّتها لها يا هل الخيل

يقول: اذا كانت فرسي قحوم كما تقولون، فافعلوا مثلي وليرخ كل منكم لجام فرسه حتى تقتحم  صفوف الأعداء فنتبيّن الشجاع من الجبان حينها.

محمد الوشيحي كاتب صحفي من الطراز الأول ومقدم برنامج حواري ناجح، ويمتلك قلما قحوما ولسانا فاتكا وتأثيرا مزلزلا بقوة 9 ريختر، وهنا مربط الفرس.

فالكويت تكتظ بالكتّاب والمذيعين ولكن ليس من بينهم من يوازي الوشيحي في التأثير على الجماهير. وإذا كان مسلم البراك هو السياسي صاحب التأثير الأبرز في الخليج، فإن محمد الوشيحي هو الإعلامي صاحب التأثير الأبرز في الخليج أيضا. والإثنان ليسا برسم البيع أو التأجير أو المناولة.

ولهذا نجدهما يواجهان ذات الحرب وذات الأسلحة وذات الزوايا المظلمة وذات الجرذان.

ما يتعرض له الوشيحي من ملاحقات سياسية بغطاء قانوني لا علاقة له، من وجهة نظري، بآرائه السياسية أو بانتقاداته اللاذعة لمسؤولي الدولة أو لخصومه، كما قد يظن البعض.

الأمر، ببساطة، يتعلّق بالتحريض الذي يبثّه الوشيحي في أوساط الشباب وخصوصا من أبناء القبائل ضد الثوابت القبليّة المتخلّفة التي تستميت السلطة ومراكز القوى التقليدية في القبائل، على تدعيمها والدفاع عنها وحمايتها بهدف استمرار حلف المصلحة القائم منذ عشرات السنين على تأمين الدعم القبلي الأعمى للسلطة، مقابل توفير الامتيازات المالية والمعنوية لبعض وجهاء القبائل.

يعيب خصوم محمد الوشيحي عليه استخدام بعض العبارات التي يرونها غير لائقة، وهم ذاتهم الذين يعيبون على مسلم البراك استخدام الصوت العالي، وهم أيضا الذين ينتقدون تشدّد جمعان الحربش، ويهاجمون ميل خالد الطاحوس الدائم للنزول للشارع!

هؤلاء لا يزعجهم  الفساد وشراء الذمم والرشاوى وانهيار مؤسسات الدولة وانحدار قيم المجتمع ونهب أموال الشعب، لكنهم لا يستطيعون النوم ليلا بسبب سخرية الوشيحي اللاذعة من الفساد وسياط البراك الموجعة على ظهور الفاسدين!

استثني منهم فئة قليلة ساذجة ومؤدبة جدا وبنت حلال، تؤيّد مواقف الوشيحي ولكنها تنتقد أسلوبه القاسي و ألفاظه الصادمة، ولهؤلاء أقول: “هذا الجمل وهذا الجمّال”.

هذي السلطة قدامكم وهذي ملفات الفساد والرشاوي ونهب الدولة، لا تستخدموا لغة الوشيحي ولا تفعلوا كما يفعل هذا “المقلوع”، ما نريده منكم فقط هو أن ترخوا ألجمة خيولكم أو ألسنتكم أو أقلامكم أو حتى قلوبكم، وهذا أضعف الإيمان.

بقلم.. عبدالهادي الجميل