لا يختلف عاقلان على أن تويتر نال الريادة في مضمار مواقع التواصل الاجتماعي؛ لما له من مزايا جميلة وتصميم رائع، ونظام فائق، ولما يحصل به من متابعة آنية للأخبار، ومناقشات رجال السياسة والطب والشريعة والفنون الأخرى، ومن مزاياه تسهيل اللقيا بالناس، لم تكن أن تتصور أن تلتقيهم ويجمعك بهم حوار.
ولكن ما يحزن في عالم تويتر، ظاهرة غياب المتعلّم فالكل في تويتر علماء، والكل في تويتر يجيد الكلام في كل الفنون؛ فتجد أحدهم يجيد التنظير السياسي والتحليل الرياضي والإفتاء الشرعي، حتى الكلام في الطبخ ومستجدات الموضة.
والعجيب أنني أعرف أشخاصًا لا يجيدون الكتابة ولا الكلام وبقدرة قادر يصبح أحدهم أفلاطون المغردين، ولا يخفى على كل متأمل أن بروز هؤلاء كمثقفين في عالم تويتر يرجع فيه الفضل إلى (النسخ واللصق).
من المؤسف جدًا، أن تجد أناسًا كثيرين استمرأوا هذه الفعلة الشنيعة، ولم يجدوا غضاضة في سرقة جهود غيرهم دون عزوها إلى مصادرها الأصلية، حتى يوهموا القراء بأن ما يكتبونه من كد أذهانهم، ولا يعلم هؤلاء أن بركة العلم بعزوه إلى قائله، كما قال الإمام الإلباني.
والذي يفعل هذه الفعلة الشنيعة قد لبس ثوبي زور وتشبع بما لم يعط، سواء علم ذلك، أم لم يعلمه، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (المتشبّع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)، ومعناه كما قال النووي وغيره من أهل العلم: “إنه يظهر تحصله على فضيلة وليست بحاصلة”.
وكذلك قال أبو عبيدة: “المتشبّع بما لم يعط، يعني المتزيّن بأكثر مما عنده يكثر بذلك ويتزين بالباطل”، فلا عيب عليك أخي المغرّد أن تغرّد بما معك من ثقافة، وتنقل ما تستحسنه من أبيات وحكم وفوائد مع عزوها لقائلها، ولكن كل العيب أن تسرق جهود غيرك لترتقي على أكتافهم.
بقلم.. عبدالكريم دوخي الشمري
@a_do5y
أضف تعليق