كتاب سبر

إبعاد حسين الفهيد

ما قاله الخطيب حسين الفهيد في المقطع المصور الذي انتشرا انتشار النار في الهشيم على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وهو المقطع الذي تعرض فيه الفهيد لأنساب بعض الصحابة هو كلام غير مقبول على الإطلاق، فلا أحد يقبل أن يتم التعرض لرموزه الدينية، فكما تريد من الآخرين أن يحترموا عقائدك ورموزك فكذلك عليك أن تحترم عقائدهم ورموزهم، فالتعرض للرموز الدينية من أي مذهب كان هو فتح لباب الفتنة، وبالتالي فإن إبعاد الخطيب حسين الفهيد كان مستحقاً. ربما يعتقد البعض أن صدور مثل هذا الكلام من خطيب هنا أو خطيب هناك يعني أن عموم الشيعة يوافقون على مثل هذا الطرح، في حين أن العكس هو الصحيح، فالغالبية العظمى من الشيعة يرفضون هذا الاسلوب الاستفزازي المتطرف وهم يريدون أن يتعايشوا مع إخوانهم السنة بسلام والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يعكر الأجواء وهذا هو الموقف الثابت للمرجعيات الدينية الشيعية وفي مقدمتها المرجع الشيعي الأبرز السيد السيستاني، ولكن لا يمكن إنكار أن هناك شريحة تستهويهم مثل هذه التعديات، ويرون أنها ردة فعل مستحقة على ما يصدر من إستفزازات من الطرف الأخر، وهكذا تستمر دوامة الفعل ورد الفعل.
إذا كان إجراء الإبعاد بحق الخطيب الفهيد مستحقاً فإن هذا الإجراء يجب أن يعمم على جميع الخطباء من السنة والشيعة على حد سواء، حتى يشعر الجميع أن التعدي على مقدسات الآخرين مرفوض من أي طرف كان، أما التشدد في موضع والتساهل في موضع أخر فإنه يخلق حالة من الشعور بالتمييز، فعلى سبيل المثال زار الكويت قبل فترة قصيرة الشيخ عدنان العرعور وتم استقباله والاحتفاء به برغم مواقفه المعلنة ضد الشيعة، وهناك أمثلة أخرى لخطباء كويتيين دأبوا إلى التعرض للشيعة بشكل متكرر دون أن يتم محاسبتهم على ذلك ومنهم الشيخ عثمان الخميس الذي كفر علماء الشيعة، ولكن أشهر هؤلاء هو “الدكتور” في جامعة الكويت شافي العجمي الذي خرج بتصريحه الشهير بأنه يريد أن يتلذذ بنحر عشرة من الشيعة السوريين، وقبل ذلك خرج على إحدى القنوات التلفزيونية وهو يدعو جهاراً لجمع السلاح لإرساله إلى سوريا، وها هو مازال حراً طليقاً دون محاسبة سوى إيقافه عن الخطابة.
الكل يعلم أن المنطقة ككل تعيش حالة من التحشيد الطائفي لعدة أسباب وفي مقدمتها ما يحدث في سوريا من حرب أصبحت تأخذ الصراع الطائفي بشكل أوضح يوماً بعد أخر. وبالتالي فإن مسؤولية الدولة أن تبادر إلى إخماد أية فتنة طائفية في مهدها لا أن تنتظر حتى تكبر وتصبح قضية رأي عام حتى تتحرك. الحساسية الطائفية في الوقت الحالي وصلت إلى أعلى مستوياتها وهي تصل إلى الذروة في المواسم الدينية، ولذلك على الجميع إدراك عواقب أي تصرفات إنفعالية طائشة قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
 
د. صلاح الفضلي
salahma@yahoo.com