كتاب سبر

هل ما زال الأمل فى لجنة الدستور المصرى ؟!

كنت أعوِّل كثيرًا على لجنة الخمسين فى كتابة دستور جديد للبلاد.
دستور يعبِّر عن عقد اجتماعى ينظِّم علاقات القوى والشعب خلال مرحلة مستقبلية.
دستور يعبِّر عن الشعب بمختلف طوائفه وقواه الحية.
دستور يعبر عن ثورتَى 25 يناير و30 يونيو التى سعى فيها الشعب للتخلُّص من قوى الاستبداد والفاشية التى تحالفت ضد المجتمع والوطن.
دستور يحرص على استقلال القضاء وينقل البلاد إلى مرحلة متقدمة بعد أن وصلت إلى ترتيب 82 ضمن 148 دولة فى العالم.
دستور من أجل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
دستور يستعيد لحمة الشعب بعد أن حاولت أنظمة الاستبداد والفاشية وتجار الدين تقسيم البلاد وزرع الفتنة والطائفية للحفاظ على سلطتهم وتسلطهم وفرض هيمنتهم على البلاد.. لم يراعوا فى ذلك إلا مصلحتهم الشخصية.. ولم يعملوا من أجل الوطن أو المواطن.
دستور يستعيد الدولة التى أهدرها الاستبداد والفساد وقضى عليها الفاشية الجديدة من تجار الدين.
دستور يحافظ على مؤسسات الدولة.. ولا يدخلها فى صراعات.. وإنما يجعلها فى نسيج واحد من أجل خدمة الوطن والمواطنين.
دستور يحمل استشرافًا لمستقبل هذا الوطن.
دستور يضع البلاد على سلم الدولة الديمقراطية والمتقدمة بعد أن أوصلنا النظم الاستبدادية والفاشية إلى نموذج الدولة الفاشلة.
دستور من أجل الشعب والوطن.
لكن ما يخرج عن اللجنة حتى الآن لا يبشّر بخير ولا يسعى إلى التحالف الوطنى الواسع للقوى الحيوية التى وقفت ضد الاستبداد والفاشية والشعب الذى تصدى للإخوان وحكمهم الفاشل الفاشى.. ولا يزال يتصدى لإرهاب الإخوان والجماعات الإرهابية المتحالفة معها التى تسعى إلى تدمير الدولة تماما وإرهاب وترويع المواطنين وتستحلّ القتل، وذلك بعد أن فشلوا فى الحكم.. وكشفهم الشعب وتصدى لهم وخرج فى ثورة تحالف معها الجيش والشرطة من أجل إسقاطهم وعزلهم.. فإذا بهم يمارسون الإرهاب ضد الشعب.. ومؤسساته التى حاولوا هدمها.
فالكل منزعج من إنتاج اللجنة حتى الآن.
فلا العمال راضون ولا الفلاحون.
ولم يفهموا حتى الآن ما دعاه البعض من الإنجاز التاريخى لإلغاء نسبة العمال والفلاحين.. ولم يخرج أحد من اللجنة ليشرح للناس أن تلك النسبة كانت تُستخدم من قِبَل الأنظمة المستبدة فى غير تمثيلها.. واستخدام العمال والفلاحين كجماهير للسلطة، فضلًا عن غياب المعايير الحقيقية للتمثيل الحقيقى للعمال والفلاحين.. فقد كان فى البرلمانات السابقة المزوَّرة رجال أعمال تحت صفة «عمال»، وإقطاعيون ولواءات تحت صفة «فلاح».
والقضاة غاضبون.. وصراعات بين الهيئات القضائية واتهامات متبادَلة لم نكن أبدًا فى حاجة إليها، خصوصًا ونحن ندعو إلى استقلال حقيقى للقضاء دون تفرقة بين هيئة وأخرى.
وغضب كبير بين الشباب الذى كان له ثقل كبير فى الثورة من الجدل حول المحاكمات العسكرية إذ لم تستطع اللجنة تقديم تبريرها بشكل واضح للناس حول مادة المحاكمات العسكرية.
فضلا عن الفشل فى التوصل إلى نظام انتخابى ملائم لتلك المرحلة.
فضلًا عما أثير عن التراجع عن النص على الدولة المدنية.
أيضًا الحديث عن الكوتة لفئات معينة.
وقد بدا أن الدستور الجديد يعبِّر عن فئات لا عن الشعب.
فضلًا عن الدور الذى يمارسه بعض الشخصيات أعضاء اللجنة بحثًا عن مصالح شخصية.. ومن بينهم رئيس حزب طامع فى دور جديد خلال المرحلة القادمة فيسعى إلى إضفاء مشكلات وعراقيل من أجل المصالح الشخصية.. رغم أنه كان من أعضاء الحظيرة فى الحكم الاستبدادى لنظام مبارك وسعى للتحالف مع الإخوان.
فلعل أعضاء الخمسين يراجعون أنفسهم فى الساعات المقبلة حتى يستطيعوا إنتاج دستور يعبِّر عن الشعب ويرضى به.. بدلًا من الدخول فى متاهات جديدة نحن فى غنى عنها.
يا أيها الذين فى الخمسين، اتقوا الله فى الشعب والوطن ومستقبله.. ولا تنظروا تحت أرجلكم.
انظروا إلى الأمام دائمًا.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.