يقول أخو جوزا الشيخ مطلق الجربا (العيط) المتوفى في أواخر القرن الثامن عشر ميلادي: “ولا ينفع العطشان كثر السبوحي”.
في هذا الشطر يجسّد (العيط) نمطاً سلوكياً لا يكاد ينجو منه أحد، وهو الإسراف من مادّة الدواء ووضعه في غير محله المفتقر إليه رغم أن محلّه لا يحتاج منه سوى اليسير ليتحسّن حاله، كحالنا في نقد الأشياء، نملك المادّة الخام ولكننا مع الأسف لا نملك الأيدي العاملة التي تجيد وضع الأشياء في مكانها الصحيح، فنحن لدينا دكاترة شريعة وقانون لديهم من الأدوات النقدية ما يؤهلهم للنقد ووضع الحلول ولكنهم مع الأسف استعاضوا عن توظيف ما تعلموه في خدمة بلدهم بالتطبيل لرموزهم وتلميع أصنامهم السياسية ومجاراة أهواء الجماهير في الحق والباطل، ولدينا طاقات شبابية جبّارة لو استُنْفدت في مكانها الصحيح لتغيّرت أشياء كثيرة في وضعنا الحالي ولكنها مع الأسف أُهدرت في صراعات سياسية عقيمة قائمة على تلميع الذات وإلغاء كل من يحاول مزاحمة الرموز على صدارة المشهد السياسي، وهكذا هو حالنا مع الأسف نهدر مياهاً كثيرة في”السبوح” ظنًّا منّا بأنه يروي ظمأنا رغم أننا نستطيع إرواء ظمئنا بكمية يسيرة من الماء المهدور شريطة أن نضعه في المكان المفتقر إليه.
أضف تعليق