كتاب سبر

برافو عُمان ولا عزاء للسعودية

تستحق سلطنة عمان “تعظيم سلام” على إعلانها على لسان وزير خارجيتها يوسف بن علوي أن بلاده ترفض فكرة الاتحاد الخليجي، وأنه إذا أصرت الدول الخليجية الأخرى على الاتحاد فإن عُمان سوف تنسحب من مجلس التعاون الخليجي. إعلان عُمان معارضتها للاتحاد الخليجي بهذا الشكل الصريح أطلق رصاصة الرحمة على فكرة الاتحاد الخليجي التي تدفع السعودية بقوة من أجل إنشاءه منذ سنتين، بل وأصبحت أكثر إلحاحاً عليه بعد التطورات المتسارعة في المنطقة وأخرها الاتفاق الأمريكي الإيراني بشأن البرنامج النووي الإيراني، وهو الاتفاق الذي ترى فيه السعودية تهديداً لمصالحها وتهميشاً لوضعها في المنطقة.
إعلان عُمان ربما كان صادماً للسعودية، بينما كان مريحاً لدول مثل الكويت وقطر والامارات التي لم تكن متحمسة للاتحاد من الأساس، ولكنها كانت محرجة في إعلان معارضتها له في ظل الإصرار السعودي عليه، ولذا فإن معارضة عُمان الصريحة رفـع الحرج عن الدول الثلاث فيما تبقى البحرين الدولة الوحيدة المتحمسة للاتحاد الى جانب السعودية. عُمان وبهذا الموقف الصلب تثبـت تمايزها وأستقلالية قرارها مقارنة ببقية دول الخليج ولعل لعب عُمان دور مؤثر في الاتفاق الأمريكي الإيراني يؤكد على ذلك، وقد كان وزير الخارجية العماني محقاً بالقول أن دول الخليج ليست مهيئة حالياً للانتقال لمرحلة الاتحاد الخليجي، فما بين عدة دول خليجية ما صنع الحداد، ولعل أخر شواهد ذلك جلسة التصالح التي رعاها سمو الأمير بين قطر والسعودية التي كانت مستاءة جداً من مواقف قطر في الأونة الأخيرة وطالبت باعتذار رسمي من قطر.
سبب اعتراض عمان الرئيسي على فكرة الاتحاد الخليجي هو أن مجلس التعاون فشل في تحقيق التكامل الاقتصادي المطلوب بين أعضاءه، فيما تعتبر عُمان أن هدف الاتحاد الرئيسي هو من أجل التنسيق الأمني والوقوف موقف موحد ضد إيران وهو ما ترفضه عمان، فهي لا تريد أن تكون ضد أحد في المنطقة. هذا الواقع يثبت أن منظومة مجلس التعاون أُنشئت لحماية الأنظمة الخليجية وليس لمصلحة شعوبها، والدليل أنه بعد ثلاثين سنة من إنشاء المجلس ومن القمم المتتالية سنوياً لم يتحقق إنجاز سوى الانتقال بين دول الخليج بالبطاقة، وماعدا ذلك فإن القمم الخليجية هي مجرد حفلة علاقات عامة كبيرة وتنافس في إبراز مظاهر البذخ وتقتصر على استقبال والتقاط صور وترديد أغنية “خليجنا واحد وشعبنا واحد الله أكبر يا خليج” ثم تفضلوا على عشاكم وبعدها مراسيم الوداع.
بدلاً من التفكير بعقلية أمنية تستهدف فقط حماية العروش على أنظمة الحكم في الخليج أن تعي أن استقرارها وبقاءها لن يستمر إلا إذا أعطت شعوبها ما تستحق من مشاركة سياسية وحرية تعبير وبرلمانات منتخبة وشفافية في كيفية صرف موارد البلد واحترام حقوق الإنسان، وإلا إذا ظلت هذه الأنظمة على هذه العقلية فسيأتي اليوم الذي تعض فيه أصابع الندم، ولكن لات حين مناص.
 
د. صلاح الفضلي
salahma@yahoo.com