كتاب سبر

الفكر التكفيري السعودي

قبل أكثر من سنة قدر المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي عدد “الجهاديين” من الأجانب بأكثر من 40 ألف مقاتل، ومن المؤكد أن هذا العدد تزايد بشكل أكبر بكثير خلال السنة الماضية التي تحول فيها الصراع في سوريا إلى الشكل الطائفي الصارخ بعد دخول مقاتلين من حزب الله والعراق للقتال في سوريا، وهو ما ساعد على زيادة تدفق “الجهاديين” إلى سوريا. بحسب تقديرات بعض تقارير الاستخبارات الغربية فإن التونسيين والليبيين والسعوديين يتصدرون قائمة أعداد “الجهاديين” في سوريا حيث يصل عدد التونسيين والليبيين ما يقرب من 15 ألف لكل منهما، ويليهم بعد ذلك السعوديين. ورغم التعدد الكبير في الجنسيات التي تتوافد منها قوافل «الجهاديين»، إلا أن السعوديين يحتلون مركز القيادة في التنظيمات «الجهادية»، وهم خزّان منفذي العمليات الانتحارية، وهم أيضاً العصب الأساسي للجماعات التكفيرية الأكثر تشدداً مثل داعش وجبهة النصرة، وبحسب متابعين فإن السعوديين كانوا طلائع “الجهاديين الذين وصلوا إلى سوريا، ولكن وتيرة توجه الجهاديين السعوديين إزدادت بشكل كبير بعد إعلان النفير العام من قبل رجال دين سعوديين وأبرزهم الداعية محمد العريفي الذي أعلن ذلك في القاهرة في شهر يونيو الماضي، بل أن العديد من الدعاة الإسلاميين وصلوا إلى سوريا، وقد يكون أبرزهم الشيخ عبدالله المحيسني، وكذلك اساتذة جامعة مثل الشيخ عثمان آل نازح وأيضاً ضباط في الجيش السعودي أو اقرباء ضباط. فقد قتل قبل أسابيع عدة في دير عطية عادل نايف الشمري وهو ضابط برتبة رائد في حرس الحدود السعودي، وكذلك قتل في حلب مطلق المطلق الذي تبين أنه نجل اللواء عبدالله مطلق السديري مدير مركز الضباط.
ما يضفي سمة “السعودة” على الفكر السلفي الجهادي الذي يحمله مقاتلو الجماعات التكفيرية في سوريا ومن قبلها العراق أن هذا الفكر نشأ وترعرع في السعودية في بداية التسعينيات، وكان للدعم المالي الذي يحظى به من قبل تجار كبار بل وحتى من بعض الأمراء السعوديين دور كبير في تقوية هذا الفكر، ولعل أبرز ثمرات هذا الفكر هو تنظيم القاعدة الذي أسسه السعودي أسامة بن لادن. ورغم أن التوجه الرسمي للسعودية يعارض الفكر السلفي الجهادي إلا أن المدارس والجامعات الدينية المنتشرة في السعودية والتي تزخر بعدد كبير من رجال الدين المتشددين، وأيضاً نتيجة لتوافد أعداد كبيرة من شتى الجنسيات العربية وغيرها على السعودية للدراسة الدينية في هذه المراكز لكونهم ينظرون إلى السعودية باعتبارها مركز الفكر الديني في العالم جعلت من السعودية خزان التكفير الذي لا ينضب، فاغلب الجهاديين إما درسوا في المراكز الدينية السعودية أو أنهم تأثروا بمن ذهب إلى هناك.
الخطر التكفيري يتضاعف عندما يقترن بحمل السلاح، وقد ظهرت في الأشهر الأخيرة شواهد كثيرة على وحشية أتباع هذا الفكر من قطع للرؤس والقيام بعمليات إنتحارية وخطف للأبرياء وتدمير لدور العبادة وقتل الأطفال وأخرهم إبراهيم قسوم الصبي المختل عقليا الذي قتل على يد جبهة النصرة في محافظة أدلب فقط لأنه قال “شو أنا رب المازوت”. هؤلاء الجهاديون يتحولون إلى “دراكولات” متعطشة للدماء، وهي عندما لا تجد فريسة ترتد على صاحبها لتمتص دمه، وهذا ما سنراه عن قريب.