كتاب سبر

المدون جنوب السرة: للشيخ مشاري العفاسي.. مع التحية

قرأت كما قرأ غيري ما كتبته على حسابك الشخصي في تويتر، والذي أردت أن تبين خلاله رأيك وموقفك من الأحداث وما يجري في مصر وهذا حق لك لا جدال فيه، ولكنك يا شيخ كتبت ما لا يجب أن تكتبه أو أن يخرج منك، وأنت من يقف ليصلي خلفك عشرات الآلاف لا تعلم ما هي انتماءاتهم ولا أفكارهم، كل ما ترجوه هو نيل ثوابهم لكونك من يؤمهم.
لقد ألبست على متابعيك والآخرين بمعلومات ليست حقيقية، وغلفتها بكلام أنت تعلم أن المتربصين والمتصيدين يستخدمونه للطعن بالآخرين..
فقلت: ” اتهم الإخواني سيد قطب الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه بالكذب والخبث والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم ! فكيف لا يتهمونني!”.
وبتغريدة أخرى كتبت ونقلت ما يثبت طعن سيد قطب بالصحابة رضوان الله عليهم فقلت ” للتأكد من طعن سيد قطب في عمرو بن العاص رضي الله عنه وغيره من الصحابة انظر : كتاب سيد قطب ( كتب وشخصيات ) ص 242 “
وهنا ألبست على المتابع إن كان عن عمد أو غير عمد الله فقط يعلم بما في الصدور، وربطت بين فكره “الإخواني” وتطاوله على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا افتراء على سيد قطب.
فإن كنت لا تعلم فيجب عليك وكما على الآخرين العلم أن سيد قطب كتب كتابين فيهما تطاول على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هما ( كتب وشخصيات ) وهو ما عرضته أنت، والكتاب الآخر هو كتاب ( العدالة الاجتماعية ) وكلا الكتابين كتبهما سيد قطب في منتصف وأواخر الأربعينيات وتحديدا في سنتي 1946 و1949.
ففي كتاب سيد قطب ( كتب وشخصيات ) الذي استشهدت به أنت يا شيخ جمع بعض مقالاته النقدية والتي نشرت له في بعض الصحف والمجالات عن بعض الأدباء والمفكرين مثل العقاد والرافعي وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، ووضعها في كتابه.
وحقيقة لا أجد سببا لربطك بتطاول سيد قطب – ككاتب- على الصحابة رضوان الله عليهم بالإخوان وقولك “الإخواني” وكأنك أوحيت للجميع أن هذا الكتاب كتبه وهو منضوٍ في هذه الجماعة وهذا غير صحيح!
فسيد قطب بعد صدور كتابه ( كتب وشخصيات) – 1946- سافر في بعثة دراسية لأمريكا في نوفمبر عام 1948، وفي تلك الفترة طبع كتاب العدالة الاجتماعية -1949-، وعاد إلى مصر في أغسطس من العام 1950 وهو لم ينتم بعد لجماعة الإخوان.
بل إن سبب اهتمامه بجماعة الإخوان المسلمين وقبل انتمائه لها، عندما كان في أمريكا وتم اغتيال حسن البنا أخذ الأمريكيون بالابتهاج والفرح مما أثر في نفسية سيد قطب وأراد أن يتعرف على هذه الحركة عندما يعود إلى بلده، وعندما عاد إلى مصر لم ينضم للجماعة فور وصوله بل استمر بالبحث إلى أن كتب الله له الانضمام لها في العام 1951، وبعض الكتب ذكرت أنه انضم لجماعة الإخوان المسلمين العام 1953.
عموما في كلا التاريخين يتبين لنا أن كتابيه الذي تدعي فيهما أنه تطاول على الصحابة هو لم يكن ينتم لأي جماعة إسلامية ولا حتى يحمل الفكر الإسلامي بل كان أديبا وناقدا أقرب للفكر الليبيرالي منه للإسلامي خصوصا أنه كان من المتأثرين بعباس محمود العقاد وزملائه من الكتاب والأدباء المنتمين لحزب الوفد المصري.
هل تراجع سيد قطب عما كتبه بحق الصحابة رضوان الله عليهم؟
كتب شقيقه محمد قطب بتراجع سيد قطب عما كتب، بل إن جميع من عاصره نقل عنه أنه أوصاهم بالنقل عنه كتبه المعتمدة ولم يكن من بينها كتابه ( كتب وشخصيات )، كما إن الشيخ محمد حسان أسهب في موضوع تراجع سيد قطب عما كتبه من تطاوله على الصحابة رضوان الله عليهم.
وليس هذا فقط، بل إن البعض يقول إنه لم يتراجع وأن كتابه ( العدالة الاجتماعية ) لا يزال يطبع وفيه هذا التطاول على الصحابة..
وهذا غير صحيح فكتابه العدالة الاجتماعية تمت طباعته من قبل وزارة المعارف السعودية، وتم تدريسه في المملكة العربية السعودية مدة 50 عاما وبوجود أبرز العلماء وأشهرهم أمثال الشيخين بن باز وابن عثيمين رحمهما الله رحمة واسعة، وقد تم سحبه من المكتبات المدرسية في العام 2008 – راجع جريدة الرياض العدد 14797 بتاريخ 28 ديسمبر 2008 بعنوان “التربية” تسحب كتابي سيد قطب: معالم في الطريق والعدالة الاجتماعية –  فإن كان الكتاب طبع وفيه التطاول على الصحابة كما يدّع البعض فإن ” بلاد التوحيد ” وعلماءها ومشايخها ومثقفيها مشاركون في هذا التطاول على الصحابة لأنهم أسسوا مجتمعهم سب الصحابة والعياذ بالله!
عندما سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز عن كتاب (مشاهد القيامة في القرآن) لسيد قطب؟
قال: “لم أقرأه ولكن بلغني عنه أنه لا بأس به، أصدر سيد قطب كتباً مفيدة ونافعة وليس معناها أنه ليس فيها خطأ، كل عالم له بعض الأخطاء والأغلاط، لكن لم أقرأ الكتاب، وهو فيما بلغني كتاب مفيد ومؤثر، رحم الله مؤلفها.”
http://www.binbaz.org.sa/mat/10727 
لاحظ أن الشيخ عبدالعزيز بن باز قال إن كتب سيد قطب ” كلها ” مفيدة ونافعة رغم ما فيها من أخطاء، ولن أعرض المزيد مما قاله الشيخ أو باقي العلماء عن سيد قطب إنصافا له، فهذا ليس سبب كتابتنا لك.
لذلك..
أقول لك يا شيخ إنك لبّست على المتابع وحاولت أن تجرّه لما يكره وهو قولك ” الإخواني طعن بالصحابة ” لتنتصر لنفسك وذاتك، وأنا أبرأ بك بالتقوّل على الآخرين انتصارا لنفسك وذاتك!
إن لك في القلوب محبة يا شيخ من الكبير والصغير، والناس تقف خلفك لتصلي وتنال أجر خشوعها، وهو ثواب وأجر لك أنت تناله من كل من صلى خلفك وهم عشرات الآلاف إن لم يكونوا مئات الآلاف، فلا تخسر كل ذلك الأجر عند وقوفك أمام رب العرش فيأتي من يخاصمك فيأخذ من حسناتك هذه، وكل ذلك إرضاءً لنفسك وانتصارا لها.
وليس عيبا إن أخطأ الشيخ الجليل بأمر كان يجهله أن يعتذر بدلا من أن يحمل وزره ويقف به أمام العادل ليقتص منه من أخطأ بحقه، فعندما تجتمع الخصوم لا مجال للرد أو الاعتذار..