كتاب سبر

رسالة إلى صاحب البشت الطويل

بين الجر والموصول
من مواطن تحرقه القروض .. ضاع صوته في ازدحام المرور .. يقطن هناك .. في ذاك المنزل المؤجر الصغير 
إلى صاحب المنصب العظيم .. إلى التاجر الكبير .. إلى صاحب البشت وحاشيته .. أكتب 
ومضة ألم:
كلما ابتعدت بحروفي عن مقامك العزيز خشية مالا يُحمد عقباه تأبى إلا أن تعيدني إلى حماك .. حتى عندما صرخوا فيني وقالوا انتبه فمازلت كورقة الخريف شاحبٌ لونها وسهلة السقوط .. قلت: وعند الله تجتمع الخصوم .. وإنا إلى ربنا لمنقلبون .
الحمدلله .. الذي أطعمنا وسقانا ورزقنا الصحة والعافية وجعل الجنة بيده ودخولها برحمةٍ ومغفرةٍ من رب كريم لأنها لو كانت بيد ذوي البشوت فلا نعلم أي عاقبة أمر وأي منقلب نحن منتظرون .. فيا صامًا آذانك ومغمضٌ عينيك أما آن الأوان ؟
أما آن لغيمة الغرور التي تعتلي سماءك أن تنجلي ليُنير شعاع شمس الحق دربك !
أما آن لعقلك أن يفهم أن انحناء هامتك لله آولاً ثم لخلقه المستضعفين لايزيدك إلا وقارًا ورِفعة
أما آن لفرعونك أن يعي أن لا مُلك دائم ولاعرش باقي وكلٌ ماضٍ إلى زوال 
أين إرم ذات العماد ؟
أين هتلر ونازيته ؟
أين هولاكو والتتار ؟
ومن رحم التساؤل .. إلى مخاض الجواب .. 
( وكل من عليها فان )
ويبقى وجه ربي ذي الجلال والإكرام .. فيا خالدًا في الدنيا غرورا .. على بلاط السعادة تزهوك الحياة .. وعلى منصبك تُرتّب درجات البشر .. إليك مختصر الحكاية 
على السجاد الأحمر لن تتعثر قدمك .. فشوك الحياة لنا نحن المستضعفون
فقط تذكر .. أنك ستقف بين يد العزيز القدير
الجبار المتكبر .. الملك العظيم
وستُسأل .. حينها .. هل سنسمع منك أدوات التفخيم !
وتلك “الأنا” المتضخمة .. ماهو مآلوها .. والهامة العالية وهمًا وذاك الأنف المرفوع .. ماهو حالها ؟
ستصرخ “معهم” “ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيا”
فالحمد لله الذي جعلني ضعيفًا مسكينًا اتنفس في هامش الحياة .. فتلك العناوين البرّاقة في أعلى صفحات “الوطن” صعبةٌ علينا لأن والدي الذي رحل  ماكان عازف ناي ولا ماسح جوخ .. رحل تاركًا لنا اسمه وكرامته وعزة النفس من مذلة السؤال فيارب انصرنا على القوم المتكبرين
( إضحك .. الصورة تطلع أحلى )
يعزون مانديلا وهم على الارائك جالسون .. ويتغنون بنضاله ومحاربته التمييز .. ولايعلمون أن حياته لاتساوي  سطر في صفحات البدون الذين قتلوهم بفئويتهم وكلمات التحقير
مانديلا عاش إنسانًا يعاني من لون بشرته .. وأنا أحدثك عن قومٍ يعانون من أجل أن يقولوا لأبنائهم كلاّ .. بل نحن بشر .. نحن مثلهم لكننا بلا أوراق وإنا على حالنا لمحزونون
مانديلا سار من السجن إلى الحرية .. والبدون ماتوا على هامش بقايا انسانيتهم في سجنٍ بلا أسوار .. يقولون أنه “وطن” .. 
في قرآنكم كتبتم “وقل اسرقوا فسيرى الله سرقاتكم والمؤمنون” .. وما سرقوا إلا بتحفيزٍ وتمكين فالمضارع لايواكب الزمن إلا ويسبقه أمر .. فابحث عن الآمر والمجيز 
يازادنا الذي نقص وماعاد يكفينا .. لاهنت
وياخبزنا الذي خيرك لغير روابينا  .. لاعشت
وياضميرًا بات مكشوفًا رغم أنه “مستتر” .. يا عظيمًا تدعي الوقار وأنت عدم
ليتك تسمع ماتكنّه الصدور .. ليتك ترى صورتك في تلك العيون
ليتك تعلم حقيقتك في الدنيا .. أما الآخرة فعلمها عند علّام الغيوب
قسمًا .. لو كنتم في أوروبا .. لسحلوكم بالشوارع
فهنيئًا لكم بنا .. نحن القوم الصامتون
وياسيدي تذكر:
وإنك راحلٌ ونحن راحلون .. 
إضاءة:
كل الضمائر في اللغة بين مستترة وحاضرة وغائبة .. إلا ضميرهم غاب واستتر بالفساد وحضر بالتدليس
آخر السطر:
آخرتك .. قبر يافهيد
دويع العجمي