كتاب سبر

مصلحون فاقدون للصلاح

لا يشك منصف بأن الإصلاح مطلب لكل عاقل محب لوطنه ولا يرفض الإصلاح سوى جراثيم الفساد التي لا تستطيع العيش والتواجد إلا في أجواء مليئة بالفساد تزكم رائحتها أنوف الأخيار وتنعش الأشرار.
وغالبًا ما يقع الخلاف بين الناس حول وسيلة الإصلاح أما الغاية فلا أظن بأن الخلاف يقع عليها، إذا كانت واضحة ومعلنة وليست مطالب فضفاضة تُفسّر على عدّة أوجه، فلا يوجد شخص محب لوطنه يرفض أن يرى وطنه خاليا من الفساد الإداري والمالي.
والدفع نحو الإصلاح يحتاج قراءة دقيقة للواقع ونفسية الشعب ومدى الفرق بين الواقع وتعاطي الشعب معه وبين ما يُراد الوصول إليه.
فمن يطالب بالإصلاح في مجتمع ينعم بمستوى معيشي مرضي إلى حد لا بأس به عند أكثر الشعب ليس كمن يطالب بالإصلاح بمجتمع يعيش غالبه تحت خط الفقر، فالأول يحتاج أن يعطي للناس ثقة مضاعفة بقدرته على الإصلاح وسلامة مبادئه من الازدواجية، ويكون قدوة وداعية بأفعاله وأخلاقه قبل أقواله حتى يساعد الناس على القفز معه نحو المجهول الذي يُراد من خلاله إدراك المأمول، فالناس لن تفرّط بمستواها المعيشي المرضي ونعمة الأمن التي تعيشها وتقفز نحو مجهول مع من انبرى للإصلاح دون أن تكون مطمئنة تمام الاطمئنان من قدرته على الإصلاح ومن سلامة مبادئه.
أما من يطالب بالإصلاح في مجتمع يعج بالفقر والظلم والفساد والبطالة، فلا يحتاج أكثر من اتقان فن الخطابة واللعب على عواطف الجماهير.. والتعاطي مع المجتمع الأول بمقومات من يطالب بالإصلاح في المجتمع الثاني مآله إلى الفشل والخسران وواقعنا الكويتي أكبر شاهد على ذلك؟!
لأن من يزعمون بأنهم دعاة للإصلاح لم ينسجموا مع ما يدعون له من احترام الرأي الآخر فحاربوا كل من يخالفهم ووضعوهم في سلة واحدة دون محاولة التفريق بين من ينتقدهم حرصًا عليهم ومن ينتقدهم انتقامًا منهم ومحاربة لهم…أضف إلى ذلك أن كثيرا ممن يزعمون أنهم دعاة إصلاح هم بحاجة لمن يصلحهم على مستوى شخوصهم وأداءهم السياسي والوظيفي…فالناس لن تصدق من يدعي بأنه يحارب الفساد ويحرص على المال العام بمحاربته للتجار وهو يقبض راتبًا دون أن يكلف نفسه حتى الذهاب لمقر عمله فأمثال هذا لا يحارب الفساد وإنما يحارب التجار باسم محاربة الفساد…وإلا لو كان صادقًا لكان أول الملتزمين بدعواه محاربة الفساد ومن ثم يحارب التجار الفاسدين لنهبهم البلد!!.
ومن الأشياء التي تؤخذ على “بعض” من يزعمون أنهم دعاة إصلاح جعلهم صوت الشكوى أكبر من المصيبة وتجريدهم البلاد من كل حسنة وتشطيينهم للكويت إلى درجة جعلت حتى الشياطين تترفع عن السكنى بها…؟!
وهم يفعلون هذا الفعل لأنهم يظنون بأنه أسرع إلى كسب الجماهير وتحقيق الأهداف ولا يعلمون بأنهم بفعلهم هذا أعطوا الناس أصرح البراهين التي تدلل على أن الحرقة التي يتظاهرون بها في محاربة الفساد مصطنعة لتحقيق مآرب معينة تخدم مصطنعيها ولا تخدم الكويت…؟!!
بقلم.. عبدالكريم دوخي الشمري
تويتر: a_do5y