كتاب سبر

عهدتك يا راشد وطن و شعب

 مؤلم شعور الجحود خصوصاً حين يقع على شخص لم يطلب ثمناً مقابل عمله، فما بالكم لو كان هذا الشخص شهيداً قدم روحه من اجل الوطن و كان الثمن الذي ابتغاه هو تحرير ارض بلاده من الغزاة لينعم أبناء شعبه بالحياة الحرة و الكريمة.
 لم يبتغ ان يسمى شارع او ضاحية بإسمة و لم يسع للتكسب او الفوز بشي لانه فاز بأعظم منزله {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين}.
لا ينقص اهل الكويت روايات البطولة والتضحية فلم تمر مرحلة مفصلية بتاريخ الكويت منذ نشأتها الى حاضرها دون ان تسجل صفحات الوطن قصص الكفاح و دون ان يشهد البر و البحر على صلابة و اصالة معدن هذا الشعب.
و مع اقتراب ذكرى تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم نستذكر ملحمة هذا الشعب و تضحياته و ما قدمه رجال و نساء الكويت من شهداء وأسرى في سبيل الوطن. الا انه و بشكل مخزي و معيب تأتي الذكرى هذا العام بآلام جديدة. فما حصل مع اسرة الشهيد باذن الله راشد محمد الوعلان لا يمس أسرته الكريمة فقط بل هي إهانه لنا جميعاً. فالشهيد راشد ليس شهيد الوعلان فقط بل هو شهيد الكويت.
و تضحيات اسرة الوعلان الكريمة لم تقتصر على راشد محمد الوعلان (26 عاماً) الذي استشهد بالأسر مع ابن خالته عبدالله الدجيني المطيري بعد مشاركتهم بالمقاومة ضد الغزاة، فقد احتجز أيضاً شقيقة مرفاع محمد الوعلان بسبب عمله بإيصال المعونة للناس و أسر شقيقة الآخر ناصر محمد الوعلان مرتين. و استشهد أبناء عمه ناصر هزاع الوعلان (17 عام) و خالد مرزوق الوعلان (19 عام) بعد ان كتبوا على جدار مدرستهم “يعيش جابر و يسقط صدام” فألقي القبض عليهم من قبل الجيش العراقي و أعدموا بعد ذلك. و استشهد أيضاً الملازم الحميدي مزيد الوعلان (ضابط بالجيش) الذي دخل الكويت اثناء الغزو بمهمه عسكرية سرية. و أسر أيضاً سعد مرزوق الوعلان و احمد محمد الوعلان و مشعل مرزوق الوعلان و ذلك لمشاركتهم بالمقاومة. و استمرت هذة الاسرة الكريمة بعطائها و ذلك حين استشهد شهيد الواجب راشد رخيص الوعلان (الحرس الأميري) بحادث اثناء حراسته قصر بيان دون محاسبة من تسبب بوفاته. 
فلو لا فضل الله علينا و ما قدمه راشد الوعلان و أسرته و اهل الكويت من شهداء و أسرى لما عادت الكويت. فهل جزاء هؤلاء التنكر و الجحود ؟! و هل جزاء هؤلاء ان تطلب وزارة الداخلية من ذويهم دفع عهدة السلاح الذي كان مع أبناءهم اثناء استشهادهم او أسرهم ؟! فهل يعقل ان تتعذر الداخلية ان إجرائها روتيني و هل يوجد استخفاف اكثر من الادعاء ان طلب دفع عهدة السلاح من ذوي الشهيد هي من اجل الحفاظ على المال العام ؟! و هل توجد وقاحة اكثر من طلب الداخلية من ذوي الشهيد بتقديم كتاب ليتنازلوا عن المبلغ و هم من قدموا أرواح أبنائهم للوطن ؟! 
لا استطيع تخيل فضاعة الموقف لدى المربية الفاضلة ام سعد محمد الوعلان (والدة الشهيد راشد) حين سماعها ردود وزارة الداخلية و هي من قدمت ابنائها ما بين شهيد او أسير للكويت دون منه. فكيف يطلب منها دفع عهدة سلاح أبنها و هي من عهدت ابنائها للوطن ؟! بل كيف تتجرأ الداخلية بطلبها المشين بدفع مبلغ 142 دينار بعد ان قدم الشهداء دمائهم التي لا تقدر بثمن للكويت ؟! 
لا تحزني يا ام سعد فقد قدمتي للكويت و لنا جميعاً { رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } فعهدت ابنك راشد الوعلان وطن و شعب و نحن بعد الله لراشد و لجميع شهدائنا و اسرانا ممتنّون و ستبقى ذكراهم العطرة و روعة تضحياتهم بقلوبنا ما حيينا.
خالد سند الفضالة