كتاب سبر

في رثاء الرفيق المؤسس عمار حمود العجمي

بقلم: أنور الفكر*
“إن أعظم قيم النضال احترام الرأي الآخر” … هذه آخر كلماته ونصائحه لي وهو يودعني ونحن على ثقة بأن نلتقي قريباً، ومضت الأيام وجاء خبر وفاته.
وبقلوب كانت تملؤها السعادة والاستعداد لاحياء الذكرى الـ39 لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت شاء القدر وشاءت الطبيعة أن يتبدل ذلك ويخيم الحزن ويتحول الفرح إلى رثاء لأحد أبطال الحركة النقابية العمالية ولأحد مؤسسي حزب اتحاد الشعب ذات التوجه الماركسي والممثل للطبقات العاملة والفئات الشعبية والمهمشة والحارس لمصالحها والناقل لهمومها والقوى العمالية والذي أسس في مثل هذا اليوم من عام 1975.
أكتب هذه الكلمات وأنا أجهش بالبكاء وأعيد ترتيب أوراقي التي أفسدها اختلاط الحبر مع الدموع فأصبحت ترسم وتعبر عن حال فوضى المشاعر التي تعج بداخلي بين التحلي بعزيمة الفقيد وبين عاطفة فتى لا زال بحاجة للفقيد… ولكن في بعض الأحداث الورق يبكي ويعلن تضامنه.
رحلت روحك وسكنت أعمالك في وجداننا، ولعل رحيلها سيشهد ولادتها من جديد في ضمائرنا وأعمالنا.. أبكي اليوم على عظيم رحيلك وكيف أنصفك القدر وناصرتك الطبيعة طالما ناصرتهما على طوال سنوات حياتك، بأن يكون يوم رحيلك هو يوم ذكرى تأسيس مدرستك الفكرية والنضالية.
Ads by PassShowAd Options
أبكي اليوم لأنني فقدت عزيمتك وأنت على فراش المرض وقد أنهكك وأرهق جسمك وقدر على ما لم تقدر عليه أنظمة وحكومات،وأنت تقول لي: إسمع يالفكر.. عليك بالقراءة كثيراً والكتابة قليلاً وهالله هالله بالأدب.. كانت كلمات بسيطة ولكنها توازي ما قد تعلمناه بالجامعات. وقد شاء القدر وارتضت الطبيعة على أن أناصفك رضاهما، فحين تلقيت خبر وفاتك كنت غارقاً في القراءة كما أوصيتني وكنت مستمتعاً في قراءة كتاب بعنوان “في طريقي إلى السجن”.
وداعاً يا أبا ناصر.. فلن يهزمني رحيلك لأن روحك تشكلت فيني ونضالك سكن بي وعزيمتك تكونت بداخلي وسيرتك قد أثمرت وأنضجت مناضلاً تقدمياً -أعدك- لن ينحني ولن ينكسر.
ولأنني وجدت في هذه الأبيات ما يذكرني بك فأنا أهديها لروحك ولذكراك… رحمك الله بواسع رحمته
على الرغم من أنف الدهر خلدك الدهرُ
ورغم عقوق العصر أنصفك العصرُ
ورغم الذي عانيت من ظلم طغمةٍ
وظلمة سجن كان يفضله القبرُ
صمدت لهم كالطود تدحض زورهم
وراحت تنير الدرب أنجمك الزُهرُ
وكنت بها فرداً قليل نصيره
وكانوا بها جمعاً وأنصارهم كثرُ
ولكنهم كانوا رياءً وباطلاً
وكنت بها حقاً يحالفه النصرُ
فزالوا فقاعاتٍ وخلدت شامخاً
ومن يخطب العلياء لم يغله المهرُ
(أبيات للشاعر العراقي السيد عبدالمنعم العجيل في رثاء الشاعر فهد العسكر)