كتاب سبر

غرقى الفساد

يقول أحد الشعراء في مقطوعة من إحدى قصائده :(قد يخمش الغرقى يدًا تمتدُّ كي تُنْجي من الغرَقِ)…!.
المتأمل في هذا الجزء من المقطوعة يتقيّن بأنه بلغ ذروة الجمال لأنه استطاع تجاوز صورته الحسيّة وينسحب على مئات الصور المعنوية.
فكما أن الغريق في البحر قد يسيء لمن يحاول انقاذه – بخمشه دون قصد- ويبادله إحسانه بالإساءة دون أن يريد ذلك…سترى كثيراً من غرقى الفساد الأخلاقي يسيئون ويخمشون بألسنة حداد أعراض ونوايا من يمد يده إليهم محاولا إنقاذهم من بحور الفساد…!
وقل مثل هذا الكلام في غرقى الفساد العقدي والإداري والمالي والسياسي وغيره كثير…فالناس – التابعون منهم وليس المتبوعون – يخمشون كل من يحاول اخراجهم مما هم فيه من الفساد بشتى صوره وأنواعه دون قصد…لأنهم لم يتقيّنوا الصدق وحسن النوايا إلا في متبوعيهم لذلك كل محاولة لإنتشالهم مما هم فيه مطردة في أذهانهم مع تنقّص متبوعيهم…ولكن أمثال هؤلاء لا يُتركون لأنهم سيتيقّنون حينما يصل ماء الفساد إلى آذانهم من صدق نوايا من مد يده إليهم وسيغتنمون أي فرصة للتعلق بها.
أمّا المتبعون فالغالب منهم ميّتو الضمير لأنهم لم يكلفوا أنفسهم إخراج ضمائرهم بين الحين والآخر من بحور الفساد لاستنشاق هواء النزاهة لذلك أصبحت ضمائرهم كالأسماك لا تستطيع العيش خارج البحور التي ألفتها…أمثال هؤلاء تركهم هو الأولى لأن محاولة انقاذهم هي اغراق للنفس معهم…ولن يلحق تاركهم لوم إذا بيّن بأن سبب تركهم حالتهم الميؤوس منها!
تويتر:a_do5y