كتاب سبر

كشف الخونة

كل المتابعين للمشهد السياسي المحلي يترقبون ما سيقوله ويكشف عنه النائب السابق مسلم البراك غداً في ساحة الإرداة. مسلم البراك قال بأنه سيكشف في تجمع الثلاثاء أسماء المتورطين في عمليات التحويل المليارية التي تحدث عنها في لقاءه بقناة اليوم، والتي ذكر فيه بأن هذه التحويلات المتورط فيها “المتعوس” و “خايب الرجا” والمقصود بهما ناصر المحمد وجاسم الخرافي بلغت 23 مليار يورو، وهو رقم فلكي بكل المعايير، وقد شكك الكثيرون بصحة ما ذكره مسلم البراك ومن هؤلاء رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم وطالبوه بالدليل.
مصداقية مسلم البراك ومن معه باتت على المحك لتنفيذ وعده بكشف تفاصيل هذه التحويلات، ومع كل هذا الترقب فإن الناس لن تقتنع برموز غامضة أو أرقام مرسلة يقولها مسلم أو يغرد بها أحمد السعدون، بل تريد أن ترى وثائق واضحة وحقائق دامغة لا لبس فيها. أهمية تجمع يوم الثلاثاء يعتمد على خطورة المعلومات التي سيكشف عنها مسلم البراك، فإذا اكتفى مسلم بتقديم معلومات غامضة وبيانات مرسلة فإن ذلك سوف يوجه ضربة جديدة وموجعة للمعارضة، وأما إذا نفذ مسلم تعهده بفضح الخونة والفاسدين بالأسماء فإن ما بعد يوم الثلاثاء لن يكون كما قبله، وسندخل عندها في مرحلة سياسية جديدة من ويكيليكس كويتي كما هو المتوقع. هناك الكثير من التسريبات التي تقول أن أحمد الفهد هو من سلم مسلم البراك هذه المستندات، ولكن بغض النظر عن صحة ذلك فإن الناس لم يعد يهمها ما هو مصدر هذه المستندات سواء أكانت من أحمد الفهد أو حتى من الجن الأزرق، فالناس باختصار تريد أن تعرف الحقيقة بتفاصيلها دون رتوش ولا مساحيق تجميل وتريد أن تعرف من هم الخونة والفاسدين.
هناك من يريد التشويش على المطالبة بكشف الحقائق بالقول أنه إذا كان لدى مسلم البراك وثائق تدين الفاسدين كما يزعم فعليه أن يقدمها للنيابة بدلاً من تهييج الشارع وإثارة البلبلة، ولكن الحق يقال أن تجربة إحالة قضايا الفساد للنيابة غير مشجعة، فلنتذكر فقط مصير فضيحة الإيداعات المليونية (القبيضة) التي هزت المجتمع، ولكنها أنتهت بحفظ القضية لقصور في القانون، وها هم القبيضة يسرحون ويمرحون في مجلس الأمة وكأن شيئاً لم يكن، والحال نفسه مع بقية قضايا الفساد الكثيرة. أما التحجج بأن النزول للشارع يؤدي إلى الفوضى فنود أن نذكر هؤلاء بأن النزول للشارع والتظاهر هو أحد وسائل التعبير المشروعة في النظم الديمقراطية، وفي ظل حكومة فاقدة للأهلية وفي ظل مجلس مسلوب الإرادة لا يهش ولا ينش فإن تعبير الشعب بصورة مباشرة عن سخطه ورفضه للواقع الحالي يبدو أخر الحلول على قاعدة “أخر الداء الكي”، والنزول للشارع هو أحد وسائل التعبير المباشرة، ونتمنى على الذين يعارضون النزول إلى الشارع أن يرشدونا إلى وسيلة أخرى لمحاربة الفساد أو على الأقل أن يخبرونا ماذا فعلوا هم لمحاربته.
كل المؤشرات تؤدي إلى نتيجة مفادها أن فصل الصيف سيكون ملتهب سياسياً أكثر مما هو ملتهب مناخياً، وكما يقال في المثل الشامي “إذا ما كبرت ما بتصغر”. وإنا ليوم الثلاثاء لمنتظرون.
حكمة لعبدالرحمن الكواكبي: صرخة في واد ذهبت اليوم مع الريح قد تذهب غداً بالأوتاد.
د. صلاح الفضلي