كتاب سبر

تاج تاج على الراس

أصدر المرجع الكبير السيد السيستاني فتوى بالجهاد الكفائي على العراقيين لمواجهة خطر تنظيم داعش المتطرف بعد أن استولى على عدة مدن في العراق وروع أهلها، ورغم أن مفتى عام السعودية الشيخ عبدالعزيز أل الشيخ أيد تصنيف السعودية لتنظيم داعش على أنه تنظيم إرهابي وحذر من الإنضمام إليه إلا أن الكثير من المغرضين والذين في قلوبهم مرض أرادوا تصوير فتوى السيد السيستاني على أنها فتوى لقتال السنة من أجل خلق فتنة طائفية، مع أن المنصفين يعلمون الدور الكبير الذي لعبه السيد السيستاني في درء الفتنة الطائفية عن العراق، وخاصة بعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء عام 2006.
داعش ومن خلال أفعالها الإجرامية وفكرها الظلامي لا تشرف أهل السنة حتى يعتبر التصدي لها قتالاً للسنة، فداعش كما وصفها كثير من علماء السنة جماعة مارقة مجرمة، والكل بمن فيهم من يلعب على وتر الطائفية يعلمون يقيناً أن داعش قتلت من أهل السنة أكثر مما قتلت من الشيعة، وأنها قدمت للعالم بأجمعه أبشع صورة من صور التطرف والوحشية، ولذلك فالتصدي لها واجب عقلي وشرعي وأخلاقي. ولكن التناقض العجيب الذي يدفع بعض الذين يعشعش في عقولهم الحقد الطائفي إلى أن يعتبروا وحوش داعش ثواراً وطلاب حق في العراق بينما يعتبرونهم خوارج ومارقين بل ويتهمونهم بأنهم يطعنون “المجاهدين” من الخلف وبأنهم صنيعة إيران وبشار الأسد في سوريا. على هؤلاء أن يستقروا على رأي، فهل داعش ثوار ينبغي مساندتهم والدعاء لهم بالنصر أم خوارج مارقون يجب قتالهم. فإذا كانوا مارقين فلماذا هذه الضجة على فتوى التصدي لهم؟!
هناك الكثير من السذج الذين يعتبرون أن خطر داعش شأن عراقي لا علاقة لنا به ولا يجب أن نهتم به، ورغم وضوح خطر داعش على الدول المجاورة بما فيها الكويت حيث أظهرت الخريطة الجغرافية للدولة الإسلامية في العراق والشام التي تريد داعش إقامتها أن الكويت جزء من هذه الدولة، رغم ذلك فإن البعض لا يزال يقلل من خطر داعش. وإذا كان الخطر على الكويت لا يأتي من داعش العراق لوجود العازل الحامي المتمثل بالجنوب العراقي وغالبيته العظمى من الشيعة المناوئين بالتأكيد لداعش، إلا أن الخطر الحقيقي على الكويت هو من دواعش الكويت، فالواقعية تقتضي الاعتراف بأن مجتمعنا يضم الكثيرين ممن يحملون الفكر الداعشي، وهذا ليس بخاف على أحد، وقد اتضح ذلك جلياً في وسائل التواصل الإجتماعي في اليومين الماضيين من خلال ترحيب أعداد كبيرة من الكويتيين وإظهار السعادة البالغة وبشكل سافر بما فعلته داعش في الموصل وبقية المدن العراقية التي أحتلتها. ولنكن صريحين بالقول أن من المعلوم أن “دواعش الكويت” يملكون المال والسلاح، ولذا ليس هناك –عملياً- ما يمنع من أن يقتفوا أثر أخوانهم من دواعش العراق أفلا يكون الحذر منهم والتوقي من شرهم من بديهيات التفكير السليم؟ حتى لا نلدغ من جحر مرتين.
إذا أقررنا بخطر تنظيم داعش الإرهابي على الجميع سنة وشيعة ألا يعد التصدي لداعش دفاعاً عن دماء وأعراض وأموال المسلمين بكافة طوائفهم حماية لهم من شرور داعش، إذا أقررنا بذلك فإن علينا نُشيد بفتوى السيد السيستاني ويستحق أن نقول له “تاج تاج على الراس”.
كلمة أخيرة: اللهم أحفظ بلاد المسلمين من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، ورد من يريد أن يفرق كلمتهم ويشتت شملهم إلى نحره إنك على كل شيئ قدير.
د. صلاح الفضلي