كتاب سبر

سعد الخلاوي…جمال لا ينتهي…؟

يقول الشاعر العملاق سعد زبن الخلاوي:

ما همّش الطيبين إلا مديح الحقير…
ولا نجّس الجوخ الأحمر غير مسّاحته…!
في هذا البيت استطاع الشاعر العملاق رص حقائق كثيرة في قالب لفظي موزون لا يستطيع غيره تقرير عشر معشارها بديوان شعري…ولا شك بأن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء ويصرفه عمن يشاء…!
أولى هذا الحقائق:
أن الاهتمام المصطنع واستنفاد طاقات إعلامية جبّارة للطبيل وتضخيم الحقير هي مساهمة ضمنية لتهميش الفضلاء…لأن الناس سيكونون بين حالتين إمّا أن تتغيّر مفاهيم الفضيلة والدناءة لديهم وتنقلب رأسا على عقب لأنهم يرون من يتحلى بالدناءة يوشح بالمدائح صباح مساء…ويرون من يتحلى بالفضائل لا يكاد يذكر…!
أو أنهم يحتفظون بمفاهيمهم السليمة للفضائل والدناءة ولكنهم لا يكادون يرون مثالا حيًّا للفاضل بعد أن أشغلوا كل يوم بسماع المدائح والثناءات التي توجهه للحقير…!
وثاني هذه الحقائق:
أن مدح الحقير للرجل الفاضل له علاقة طردية بتقلّص شعبية الفاضل بين الفضلاء…-فغالبا-الحقير لا يعجب إلا بمن يشاكله ولو بصفة…ومشابهة الحقير بصفة مخالفة واضحة لصفة من صفات الفضلاء…!
وثالث هذه الحقائق:
أن إلتفاف عديمي الكرامة حول الرجل تنجيس-معنوي-لمحيطه حتى لو بالغوا بتنظيف محيطه-حسّيًّا- (فمسّاحة الجوخ) ظاهر فعلهم أنهم ينظفونه ولكنهم وإن نظفوه-حسّيًّا-فقد نجسوه -معنويًّا-لأنهم يخلقون في نفس من قَبِلَ بهم صفات دنيئة كالتعالي وحب سماع النفاق والنفور من الناصحين الصادقين…؟!!!
رابع هذه الحقائق:
أن الأشياء المعنوية لا تقل قيمة-إن لم تفق-الأشياء المادية…فمن أراد أن يعالج عيوبه ويعزز في نفسه الفضائل عليه بتقريب من يهتمون بتطهيره معنويا قبل اهتمامهم بتطهيره حسّيًّا…فالمساعدة على تطهير النفس حسيًّا لا تستطيع التفريق بها بين الصديق الناصح ومدعي الصداقة…بينما المساعدة على تطهير النفس معنويا لا يقوم بها إلا الصديق الناصح…؟!
والحقيقة أن البيت ممتد في تقرير أمثال هذه الحقائق ولا يكاد ينضب…ولكن أكتفي بهذه الحقائق وحسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق…؟!!
عبدالكريم دوخي الشمري
تويتر:a_do5y