كتاب سبر

مصر الإفريقية

عادت مصر إلى أحضان إفريقيا مرة أخرى، وأيام وسيشارك الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مؤتمر القمة الإفريقية التى تعقد فى غينيا الاستوائية.
.. وقد عادت مصر بعد ما يقرب من عام من تجميد عضويتها عقب أحداث ثورة 30 يونيو التى اعتبرتها الدول الإفريقية وقتها انقلابًا وليست حركة شعبية ضد سلطة الإخوان الحاكمة التى أدارت البلاد إلى الفشل وبفاشية، فلم يكن أمام الشعب سوى الخروج عليها.
.. واطمأنت الدول الإفريقية إلى أن ما جرى كانت حركة شعبية وجرى الالتزام بخارطة طريق للانتقال الديمقراطى من وضع دستور للبلاد وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.. وقد استوفت مصر خلال عام تعهدها بالدستور والانتخابات الرئاسية.. والانتخابات البرلمانية جارٍ الاستعداد لها لتكتمل خريطة الطريق لتصحيح الوضع داخليا وخارجيا، وهو الأمر الذى دعا دولا كثيرة لإعادة تصورها وتعاملها مع مصر فى تلك المرحلة.
.. وقد كان قرار الدول الإفريقية وتحديدًا مجلس السلم والأمن بالإجماع بعودة مصر رد اعتبار للمصريين.
.. ولقد كشف تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الإفريقى هذا العام أهمية إفريقيا لمصر وأهمية مصر لإفريقيا.
.. هذا ما اتضح للمصريين والدولة المصرية.
.. وهذا ما اتضح لدول إفريقيا، وفقًا لتصريحات المسؤولين فيها.
.. فهناك روابط مهمة لمصر مع عديد من الدول الإفريقية غير نهر النيل، وإن كان يمثل أعظمها.
.. فهناك امتداد طبيعى وأمن قومى فضلاً عن إمكانية الاستثمار فى تلك الدول.
.. أيضًا استعادة الدور الحضارى الذى مارسته مصر خلال فترات طويلة مع تلك الدول والذى ما زال يحظى باحترام جميع الدول الإفريقية وقواها الحية والذى لم يتم استغلاله فى الفترة الماضية لصالح الوطن.
.. لقد أساء نظام مبارك إلى مصر من خلال قطيعته مع إفريقيا والتعالى على دولها وقياداتها وهو ما أدى فى النهاية إلى ما وصلنا إليه من انهيار فى العلاقات وصل أحيانًا إلى عدم احترام القرار المصرى الذى كان دائمًا وأبدًا يُراعَى فى كل الدول الإفريقية «ويُعمل له ألف حساب».
.. ولقد أصبحت هناك دول ذات تأثير أكبر فى القرار الإفريقى واحتلت مكانة مصر، لاهتمامها بالقضايا والهم الإفريقى على عكس ما فعلته مصر من إهمال وتخبط والنظرة الاستعلائية التى أتت أحيانًا بأفعال عدائية.. ليصل الأمر إلى تهديد مصر فى شريانها الحيوى.
.. ولعل تجربة العام أفادت مصر والقائمين على إدارتها فى مراجعة مواقفها فى الشأن الإفريقى بشكل كامل.. لتعود مصر كما كانت فى الريادة والاحترام.
لكن هل مصر استعدت لعودة العلاقات مرة أخرى؟!
.. هل استعدت بمشروعات مشتركة مع الدول الإفريقية؟!
.. هل استعدت بإمكانية الاستثمار فى بعض الدول؟!
.. هل تم تطوير المؤسسات والهيئات المصرية التى تعمل فى إفريقيا مثل صندوق التعاون الإفريقى.. وكذلك مراجعة دور مؤسسات مثل الأزهر فى بعض البلدان؟!
.. هل جرى الاستعداد للتفاوض مع الجانب الإثيوبى حول مشروع سد النهضة؟
..هل جرى العمل أو وضع خطة لتعامل جديد مع دول حوض النيل بما يتلاءم مع المرحلة الجديدة والتغير الذى جرى فى تلك الدول؟!
.. أشك أن يكون قد جرى أى شىء فى هذه الأمور خصوصا فى حالة الارتباك الذى صاحب إدارة البلاد خلال العام الماضى وما قبله.
لكنه آن الأوان لاتخاذ إجراءات سريعة ووضع خطط للتعامل مع الملفات الإفريقية برؤى مختلفة وخلّاقة وتراعى ما جرى من تغييرات كبرى فى دول إفريقيا.