آراؤهم

الفقر والمنطق

وكما يقولون بأن الإنسان عدو ما يجهل، فقد كانت هذه الكلمات مهترئة قبل أن أكتبها بمنطق مختلف ، تسمع الرياح هنا وهناك كما كوخ الفقير الذي نظن بأنه خالٍ من أبجديات الحياة فليس سوى الماء والدقيق و ما عداها فهو زائل بالحتمية . كنت أظن بأنني سأكتب لهم لأصف حالهم بأسلوب يرقِّقُ القلوب إليهم ، فوجدت بأنني أكتب عن صورة نمطية كانت هي الحديث ومنبع الأسئلة في كل وقت . بدأ الخيال كعادته يبحث عن تلك الصورة ، إلى أن وصل إلى ذكرى عجوز مستندُ على ساعديه ليلقى ربه بأضعف صورة خلقه عليها  كان مبتسمًا ، لا أعلم لماذا ؟ وكان السؤال الذي يدور في ذهني كيف لفقيرٍ أن يبتسم  و غيره من الأسئلة التي في ظاهرها أسواطٌ لجلد المنطق حتى يعوَّج لنخرج من سياقه ، وباطنها رحمة مهداةٌ إلى هؤلاء الفقراء. إن الحديث يطول وخلصتُ  بأن الشاذ لا يعتد به وبدأت أبحث من جديد عن الفقراء الذين إلتقيت بهم فكانت النتيجة متقاربة تزيد و تنقص ولا يظهرُ من بينِ فُرجِها إلا الفرح  . هنا أصبحت فكرة الفرح ظنَّا و الظن قد يكون حقيقة إن لم يستولي عليه الشيطان ، لكن إن أردت أن تأتي الحقيقة من بابها فلابد و أن تخالطهم وتجلس في مجالسهم وتسألهم عن كل هذا ؟ لتستفيق على عجب و كل العجب بأن تجد معظهم غاضبُ من النظرة المجتمعية للفقير وصاحبه و السائر إلى طريق الفقر فهذه النظرة قد جمعت الضِّدان وكيف يجتمعان ، فقد تجد الرحمة و الكبر في ذات اللحظة لأن النظرة العميقة عن الفقر قد تبدو جلية على السطح محاولةً الظهور بينما تحاول الرحمة المفطورة في الإنسان السوي كبت جماح هذه النظرة ، هذه النظرة كانت مزعجة إلى حد كبير و كأنهم لم يُخلقوا في أحسن تقويم  ولا فرق بين غني ولافقير إلا بالتقوى.
هنا تذكرت مقولة العقاد ” بأن أكثر الإنقلابات العظيمة تمت على أيدي الفقراء لأنهم الفئة التي ترغب دائماً بتبديل ما هي عليه” فهم بلا شك أيضًا يريدون أن ينقلبوا على منطق فتك بكرامتهم و أرداهم قتلى الأنفة في ساحة تئنُ بالأغنياء . إن أول فعل يستحق الإحترام هو أن تكسر النمط السائد تجاهك وأن تجعل التنميط شيئًا صعبًا لمن يحاول ذلك ، لذلك فقد إجتمعوا مشيرين إلى خلل في تكوين المنطق العام عند المجتمع ، و بدأوا بسرد مبررات لتعديل المنطق فوجدوا بأنهم كسروا أساليب المنطق و خرجوا عن حدوده و استحدثوا أشياء دون مسميات ، و بالتالي فقد ارتكبوا أول فعل في منظومة التغيير  فهم فقراء و يبتسمون. 
بقلم.. عبدالرحمن الألمعي
al_almay@