كتاب سبر

سياسة ربط الحزام في مصر

مرت حتى الآن عملية زيادة أسعار الوقود والطاقة ما بين إحباط فى الشارع ودفاع حكومى استخدمت فيه كل أسلحتها غير المقنعة، بما فى ذلك قعدات العرب التى أقامها رئيس الحكومة لتمرير العملية.
.. ويبدو أن العملية نجحت..
.. وبدأ العمل بالأسعار الجديدة للبنزين والسولار والغاز.
.. وتقبلت الناس هذه العملية بالإكراه، بعد أن أصابها التعب تأثير ثلاث سنوات من النضال ضد الفشل.
.. إي نعم هناك مناوشات بسيطة، خصوصا فى مملكة الميكروباصات، التى تركتها الحكومة تتضخم حتى أصبحت ذات شأن ونفوذ.. وعلى قرارها على الجميع، فى حضور المرور الذى عاد لممارساته الأولى أيام مبارك الأخيرة.
لكن عملية رفع الدعم تمت وابتلعها الناس.. وكأنهم فى انتظار الفرج.
ولعلها أول مرة تُقدم حكومة على زيادة أسعار الوقود بهذا الشكل ويتقبلها الناس، حتى ولو كان من تحت ضرسهم.
.. فالرئيس السادات الذى فتح البلد سداحا مداحا بعد حرب أكتوبر فى انفتاحه الذى تخيل به أن البلاد حققت الرخاء.. فكان واجبا على الشعب رفع الدعم عن أسعار الوقود، فكانت انتفاضة 1977 التى اضطرته إلى أن يلغى قراره.
.. ومبارك لم يستطع أن يصدر قرارا برفع الدعم، وإن كان تحايل عليه بأمور كثيرة.. لكن لم يكن أبدا على طريقة «عملية محلب».
.. لقد نجحت العملية فى النهاية، ودعكم من كلام السادة الوزراء الهمام التبريرى لارتفاع الأسعار، من قبيل أنه أهم القرارات أو أن أسعار الوقود فى مصر أقل الأسعار فى العالم.. وهو كلام سهل الرد عليه من أى مواطن عادى، خصوصا إذا قارنه بالمرتبات.. فضلا عن أن سيادته ماذا قدم حتى الآن فى حكومته.. حتى ولو كان ذلك فى إطار خطة مكتوبة لا بالتنفيذ!!
.. ما علينا..
.. فالكل يسأل الآن.. ماذا ستقدم الحكومة للمواطن فى مقابل رفع الدعم؟
.. فلم يعد المطلوب فقط من المواطن ربط الحزام الذى ربطه كثيرا خلال كل الأنظمة السابقة، فإذا به يربط الحزام، ويرى الآخرين يستبيحون حزام البلد كله.. فنهبوا البلد وأضاعوا ثروتها وهربوا أموالها.. وكله برعاية حكومية ونظام حكم كان يسهل من ذلك للفاسدين والمنافقين والملتفين حول النظام وأفراد وعائلته وأجهزته القمعية.
.. فلم يرَ المواطن الآن أى محاربة للفساد.
.. ولم يرَ أى خطة للحكومة يمكن أن يرى من خلالها نهاية للنفق المظلم الذى عاش فيه لسنوات طوال.
ورغم عملية رفع الدعم عن الطاقة.. فليس هناك خطة واضحة لدى الحكومة أو النظام الجديد فى معالجة كثير من المشكلات والأزمات.
.. فضلا عن غياب الشفافية فى ما يتخذ من قرارات.
.. لقد كان رفع الدعم عبئا كبيرا وأزمة لأى حكومة، وكان دائما المطلب الأول من صندوق النقد الدولى والهيئات التمويلية فى أى مباحثات مع الحكومات السابقة لمنح قروض جديدة.
.. فها هو الأمر قد أصبح ممهدا لبدء مباحثات جديدة للحصول على قروض جديدة من صندوق النقد الدولى، بما يمهد للتعاون مع مؤسسات نقدية دولية للحصول منها على أموال أخرى لتحسين قدرة الاقتصاد.
.. عموما رغم ذلك ليس هناك أى صورة واضحة للنظام الذى يتشكل وحكومته فى خطة اقتصادية.. اللهم إلا شد الحزام!