كتاب سبر

ضعنا بالطوشة

منذ خرج موضوع “شريط المؤامرة” بين الخرافي وناصر المحمد قبل أشهر عدة إلى العلن وحديث الناس لا ينقطع عن حقيقة هذا الشريط وهل هو حقيقي أم مفبرك، وخلال هذه الفترة تولى مسلم البراك عملية الكشف عن بعض تفاصيل “المؤامرة” المفترضة التي ورد جزء منها في “الشريط”، وكانت الأصابع تتجه نحو أحمد الفهد على أنه هو من سرب هذه المعلومات لمسلم البراك وأنه هو من أوصل “الشريط” للقيادة السياسية. وبالفعل ظهر الشيخ أحمد الفهد في المحكمة بناء على شكوى تقدم بها جاسم الخرافي ليعلن أنه سلم القيادة السياسية مقاطع “صوت وصورة” لجلسة تمت بين الخرافي وناصر المحمد في سويسرا، وعندها أتضح أن طرفي الصراع الحقيقيين هما ناصر المحمد وجاسم الخرافي من جهة وأحمد الفهد من جهة أخرى.
قد يسأل سائل وهل مسلم البراك وأحمد السعدون وبقية نواب الأغلبية السابقة يعملون لحساب أحمد الفهد ويلعبون دور المنفذ في صراعه مع ناصر المحمد وحليفه جاسم الخرافي. الفهم الموضوعي يخلص إلى أن طبيعة العلاقة بين أحمد الفهد ونواب الأغلبية السابقة في حقيقتها تقاطع مصالح، فمصالح الطرفين أقتضت أن يتعاونوا في تحقيق أهدافهم في تبني قضية “محاربة الفساد” المتهم بها الخرافي وناصر المحمد، فأحمد الفهد يريد إقصاء ناصر المحمد من المشهد السياسي وتشويه صورته لقطع الطريق عليه في الوصول لولاية العهد التي يسعى لها، في حين أن المعارضة تعتبر أن هذه القضية هي بوابة العودة إلى المشهد السياسي بعد أن تراجع تأثيرها على قواعدها الشعبية وأصبحت في أضعف حالاتها، وقد أثبتت المظاهرات والمسيرات التي حدثت في الأيام الماضية نجاح هذا الرهان.
ربما يكون كل ما ذكر معلوم لدى الجميع، ولكن ما يحير جميع المتابعين لحرب “داعس والغبراء” بين فريق أحمد الفهد وحلفائه من جهة وفريق ناصر المحمد وجاسم الخرافي من جهة أخرى هو إلى جهة يميل صاحب القرار، فهل هو مع ناصر المحمد وجاسم الخرافي الذين يتم استقبالهم أسبوعياً ويقفون في الصفوف الأمامية في الاحتفالات الرسمية أم يميل إلى أحمد الفهد الذي يتناول الفطور معه يومياً، فهل صاحب القرار بالفعل لا يعرف حقيقة الأمر ويريد أن يتحقق من صحة الاتهامات أم أن على إطلاع كامل بما يجري خلف الكواليس ولكن له رؤية مختلفة في معالجة الموضوع أم أنه يخشى من تداعيات هذا الأمر فيما لو قرر حسمه.
قد يكون الجواب أن صاحب الأمر أوكل معرفة الحقيقة إلى القضاء ليحسم الأمر دون أن يدخل طرفاً في القضية. هذا الجواب ليس مقنعاً، لأن الكل يعرف أن بيروقراطية الإجراءات القضائية تأخذ وقتاً طويلاً قد يصل إلى سنوات، وأن الصراع المتفجر بين أبناء العم حتماً لن ينتظر حسم الموضوع في القضاء، فاللجوء للقضاء من قبل الطرفين هو مجرد أحد حلقات الصراع السياسي المحتدم، ولذلك نجد أن القضاء تم إقحامه بالقوة في هذه القضية، وليس بعيداً عن ذلك الاتهامات التي طالت بعض القضاة على خلفية الصراع ذاته.
الخلاصة أن عموم المواطنين “ضايعين بالطوشة” مما يجري أمامهم من أحداث، فهناك الكثير من التناقضات في هذا الصراع، وهناك علامات استفهام كبيرة حول سبب عدم حسم الموضوع من قبل صاحب القرار. وبالنتيجة فإن عامة الناس تضع أيديها على قلوبها خوفاً من عواقب هذا الصراع المستفحل، في حين أن لسان حال البعض يقول “ما لنا والدخول بين السلاطين”. إذا كان هناك الكثير من الغموض في تفاصيل الصراع فإن الحقيقة المؤكدة أن الصراع وصل إلى الدرجة البرتقالية القريبة من الدرجة الحمراء بمقياس الأعاصير.