كتاب سبر

الخطوة التالية

انتهت عملية رفع الدعم وزيادة أسعار الوقود والطاقة.. وتقليل العجز فى الميزانية الذى طلبه الرئيس السيسى وتنفذه حكومة محلب.. كله بهدوء.
واستجاب الناس تفهما أو إحباطا بما دعاه الرئيس وحكومته من شد الحزام فى تلك المرحلة.
وحتى أصحاب المزاج من المدخنين تحملوا زيادة أسعار السجائر بمن فيهم مدخنو سجائر «البوكس» المحلى.
ولعل هذه أول طلعة من الحكومة للحصول على الأموال.. ونجحت فيها بامتياز، وذلك بعد أن تعب الناس وتعب معهم اقتصادهم واقتصاد البلد نتيجة سياسات التخبط والفشل التى سادت خلال المرحلة السابقة منذ 25 يناير، فضلا عن مرحلة الفساد والاستبداد فى عصر مبارك، التى جرى فيها استباحة مصر ونهب أرضها وبيع مصانعها بتراب الفلوس.. ولم يكتف رجال مبارك بذلك، بل هربوا أموالهم أيضا إلى الخارج، مستغلين الظروف التى مرت بها البلاد بعد الثورة.. وإن كانوا قد هربوا بتسهيلات من نظام مبارك، الذى اعترفت سويسرا ودول أوروبية بوجود مبالغ كبيرة لمبارك ورموزه فى بنوكها.. وما خفى كان أعظم، واكتفوا بالعمل بأموال المصريين التى حصلوا عليها كقروض من البنوك.
وها هو الشعب يقدم تضحيات جديدة.
ويشد الحزام مرة أخرى على أمل أن يحصل على الرخاء «الموعود»!!
فكل الرؤساء وعدوا الشعب بالرخاء.. بعد أن طالبوه بشد الحزام.. لكن لم يأت الرخاء أبدًا.. هكذا فعل السادات الذى اعتقد أنه بعد حرب أكتوبر سيأتى الرخاء.. مع انفتاحه الـ«سداح مداح» ورغم المعونات والمنح التى حصل عليها فإنه أدخل البلاد فى أزمات اقتصادية حادة فكانت انتفاضة 1977، وأدخل المتطرفين إلى عالم السياسة.. فاغتالوه فى النهاية.
ويأتى من بعده مبارك والتف الشعب حوله فى محاربة الإرهاب الذى أطلقه مبارك وشدوا الحزام، وخرجت مصر من تلك الأزمة بمساعدة الشعب وبوجود بعض الشخصيات التى كانت لها رؤية وأنقذت مصر فى سنوات مبارك الأولى، وقضى على الإرهاب.. لكن مبارك استأثر بالحكم واستبد به ولم يرد جميل الشعب.
وتعرضت مصر إلى أزمة مالية حادة فى التسعينيات وربط الشعب الحزام أيضًا وتحمل زيادات الأسعار التى كان يرفعها مبارك وحكوماته بالالتفاف «وبالمناسبة جرى ارتفاع أسعار البنزين والسولار فى عهد مبارك».
وكانت حرج الخليج الأولى فأنقذ النظام بإسقاط ديون نادى باريس.. وحصول مصر على منح ومساعدات جعلت البلاد تسير أمورها.
لكن جشع النظام ونهبه وتشكيل مجموعة من أصحاب المصالح أدخل البلاد فى أزمات أكبر.. فكانت الاحتجاجات والاحتقانات التى أدت فى النهاية إلى ثورة 25 يناير.
فهل تعلّم النظام الجديد من دروس الماضى؟!
لقد استجاب الناس للسياسات الجديدة ورفع الدعم.. لكن يظل السؤال مطروحًا.. ماذا عن الخطوة الجديدة؟
وهنا الخطوة الجديدة هى ما سيقدمه النظام للشعب للخروج من الأزمة.
فليس هناك حتى الآن خطة أو رؤية تضع البلاد على الطريق الصحيح لحل الأزمات.
إن سياسة اليوم بيوم لم تعد تنفع أو تغنى من جوع.
حتى سياسة التبرع، الذى بدأ بعض المؤسسات استغلاله ليتحول إلى جباية لن تنفع فى حل أزمات كبرى.. ولا يمكن الاعتماد عليها.
إن الشعب يريد الشفافية الكاملة فى ما يفكر فيه الرئيس وحكومته للخروج من الأزمة.
فالشعب فى انتظار الخطوة التالية.