كتاب سبر

“مؤامرة بيض الصعو”

يوم الثلاثاء الفائت تحدث رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عن “المؤامرة التي تحاك ضد الكويت ومؤسساتها ومحاولة الانقلاب على الدستور”، وخلال الأيام التي تلت هذا التصريح تكهن أكثر من شخص من “المقربين” من الحكومة من “اللي عروقهم بالماي” وفي مقدمتهم “عميد الصحافة” أحمد الجاارالله عن قرارات حاسمة سوف تصدر عن مجلس الوزراء سوف تشمل التهديد بسحب جناسي بعض من شاركوا بمظاهرات ومسيرات الأسبوع الماضي. وبالفعل صدر بيان مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي وكأنه إعلان حرب فهو يتوعد بالضرب من حديد ومواجهة أي مظاهر للخروج على الشرعية بكل حزم وصلابة، ولم يخلو بيان مجلس الوزراء كما توقع “العميد” من التهديد المبطن بسحب جناسي من خلال “ضمان توافر شروط ومتطلبات شرف المواطنة والانتماء الوطني التي تضمنتها أحكام قانون الجنسية”.
كما هو واضح من تصريح مرزوق الغانم وبيان الحكومة أن هناك مؤامرة كانت تحاك ضد الكويت وتم إحباطها، فإذا كان هذا صحيحاً فكيف لرئيس مجلس الأمة أن يستبق بيان مجلس الوزراء بالحديث عن المؤامرة ثم كيف لقرارات تمس أمن الدولة يعلم عنها أحمد الجارالله قبل أيام من صدورها، وتالياً لماذا لم توضح الحكومة للشعب ماهية هذه المؤامرة ومن هم المتأمرون؟ وإذا كانت هناك مؤامرة بهذه الخطورة تهدد أمن وسيادة الكويت فلماذا لم نسمع عن اعتقال أحد من المتأمرين؟ أم أن “المؤامرة” مرت مثل بيان الحكومة قبل الغزو الذي تحدث عن “سحابة صيف” ولكن سرعان ما أمطرت هذه السحابة غزواً أسقط الدولة بكاملها. الغريب أن تصريحات المسؤولين بالحكومة تعتبر أن أحداث مسيرة كرامة وطن عند مسجد الدولة كانت مؤامرة، وهي المسيرة لم يصدر من المشاركين فيها أي مظاهر عنف، على العكس كانت القوات الخاصة هي المبادرة بالضرب واستخدام قنابل الغاز والدخان، ولو قصدت الحكومة بالمؤامرة أحداث صباح الناصر الذي حدث فيها بعض التخريب وقطع الطرقات لكان يمكن تصديق كلام الحكومة، لكن الحديث عن مؤامرة في مسيرة كرامة وطن 8 “وايد قوية”.
الطامة الكبرى أن بيان مجلس الوزراء يشير إلى سحب الجناسي كتهديد للمشاركين بالمظاهرات والمسيرات، وهذا يدل على درجة التهور والطيش التي وصلت لها السلطة بتحريض من بعض أعضاء مجلس الأمة وبعض السفهاء والفداوية، فشهادة الجنسية هي وثيقة لإثبات إنتماء وليست وسيلة لمعاقبة الخصوم، بل ولا حتى لمعاقبة المجرمين، فمن يتجاوز القانون يعاقب وفقاً للقانون وليس بالقرارات العنترية القراقوشية. وإذا كانت الحكومة تطالب الجميع باحترام القانون كما تزعم في بيانها فلتبدأ بنفسها وتوقف مسلسل التعدي على المال العام الذي تظهر منه كل يوم فضيحة يرتكبها علية القوم، واخر هذه الفضائح فضيحة القسائم الزراعية التي توزع على أصحاب الحظوة فيما الناس لا تجد بيتاً تسكن فيه.
طريقة تعامل السلطة مع الأزمة السياسية في البلد لا تبتعد كثيراً عن طريقة جحا في البحث عن درهمه الذي فقده في مكان مظلم فذهب يفتش عنه في مكان مضاء. السلطة تعلم أن المشكلة في بيتها الداخلي وأن بلاها منها وفيها، ولكنها تحاول أن تهرب من هذه الحقيقة إلى مكان أخر لتقنع نفسها والأخرين بمؤامرة من نوع “بيض الصعو اللي نسمع فيه وما نشوفه”. لذلك ننصح السلطة أن “تدور لها غير هالمسلة لتخيط فيها”.