كتاب سبر

البحث عن الأموال!!

لا أعرف لماذا لم يفكر النظام الجديد حتى الآن فى البحث عن الأموال المنهوبة لتكون رافدًا مهمًّا فى صندوق تحيا مصر الذى يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسى للحصول على 100 مليار جنيه له؟
ويبدو أن حكاية الصندوق ستطول، فليس هناك جدول زمنى، وربما كان يعتقد الرئيس السيسى أنه سيجمع 100 مليار جنيه عندما يعلن عن تبرعه الشخصى بنصف ثروته ونصف مرتبه، ولكن يبدو أن أمامنا الكثير وربما يكون الصندوق مثل إخوته السابقين من تجارب جمع التبرعات التى لم تنته ولم تنجز.
فهل يصدق أحد أن اجتماع الرئيس السيسى بأساطين رجال الأعمال ويجرى الإعلان عن فتح التبرع فتكون الحصيلة ما يقرب من 6 مليارات جنيه فقط!!
لقد فشل رجال الأعمال حتى الآن ربما فى الحفاظ على ثرواتهم والحفاظ على البلاد ومستقبلها، مفضلين أمورًا أخرى!
لقد حصل غالبية رجال الأعمال، إن لم يكن كلهم، على تسهيلات كثيرة فى ثمن الأراضى التى حصلوا عليها
-ومنهم من تاجر فيها وحصل على المليارات- والخدمات والطاقة التى ما زالت مدعمة لهم حتى الآن.
وجاء دورهم الآن فى إعادة بعض الأرباح التى حققوها لصالح هذا البلد ولكن يبدو أن ذلك لن يتحقق أو على الأقل فى الوقت القريب.
لقد تحدث الرئيس السيسى عن صندوق مالى، أى التبرع يكون بالأموال، فإذا بنا نتفاجأ أن بعض رجال الأعمال يتحدثون عن تبرعهم بمشروعات -وليس بأموال- أو أسهم فى شركات!!
من هنا تأتى أهمية البحث عن روافد أخرى لهذا الصندوق باعتباره سيكون صندوقا سياديا يمكن الاعتماد عليه فى الخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة والمساهمة فى عملية التنمية بشكل عام، وذلك من غير التبرعات.
ولعل من أهم تلك الروافد الأموال المنهوبة التى خرجت من مصر وهو الملف المسكوت عنه حتى الآن، رغم أن هناك إشارات من دول، بل تأكيدات أن لديها أرصدة لمبارك وأفراد من نظامه.
لكن لم يكن هناك خلال الفترة الماضية أى إرادة سياسية للعمل على استعادة تلك الأموال، فهل غياب الإرادة مستمر فى تلك المرحلة أيضا؟!
إن ما حدث فى حق الأموال المنهوبة -والمعلوم بعضها- هو سيطرة حالة التباطؤ -فى التعامل مع هذا الملف- التى ربما تصل إلى حد التواطؤ خلال الفترة الانتقالية التى أعقبت سقوط مبارك فى ثورة 25 يناير 2011، حيث شهدت تلك الفترة تهريب كميات هائلة من الأموال مستغلة ما يمكن تسميته بنوع من الفساد المقنن والممنهج ومستفيدة من حالة الانفلات الأمنى التى استمرت أشهرًا عديدة.
إن حكومات ما بعد الثورة لم تبذل جهودًا كافية على صعيد استعادة الأموال المنهوبة والمهربة، حيث غاب التنسيق بين أجهزة الدولة فى هذا الشأن، ولم يحدث ما كان واجبا من تضافر الجهود على الأصعدة القانونية والقضائية والسياسية والشعبية من أجل تحقيق هذه الغاية.
ولعل هناك رجال أعمال استفادوا من ذلك واستطاعوا تهريب الأموال «نموذج حسين سالم».
وهناك رجال أعمال استفادوا بعلاقاتهم بمبارك وابنه ورجال نظامه فى تهريب وغسيل الأموال، وكان ذلك قبل 25 يناير بالطبع، فقد كان هناك عمليات غسيل أموال عبر مشاريع تتم فى الخارج تابعة لرجال أعمال النظام وهى من مصادر غير شرعية.
وهناك من يعرف ويستطيع أن يتتبع حركة تلك الأموال المنهوبة.
وهناك البنك المركزى الذى يستطيع أن يصل إلى معلومات مهمة فى هذا الملف، سواء عن حركة الأموال التى لديه أو من خلال التعاون مع بنوك مركزية دولية من خلال اتفاقات متبادلة، ومن خلال قوانين غسيل الأموال.
وهناك اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التى صدقت عليها مصر فى عام 2005 التى يمكن بها التعاون مع الدول فى استرداد الأموال المنهوبة.
فقد حانت الآن الجدية فى النظر إلى الملف المسكوت عنه.
ولتتوفر الإرادة السياسية لاستعادة أموال مصر المنهوبة التى ربما يكون لها إسهام كبير فى صندوق مصر إذا أرادوا.