كتاب سبر

خطاب السيسي في ذكرى ثورة يوليو

لم يكن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الذكرى الـ62 لثورة 23 يوليو خطابا رئاسيا ملتزما بمناسبة مهمة.
فرغم أنه أول خطاب له فى ذكرى ثورة 23 يوليو باعتباره العيد القومى للبلاد فإنه قدم التحية إلى رؤساء ثلاثة هم محمد نجيب وجمال عبد الناصر والسادات، رغم أن الجميع يعلم أن ارتباط ثورة 23 يوليو بالأساس بالرئيس جمال عبد الناصر، وكان محمد نجيب حالة رئاسة توافقية اتفق عليها بين الضباط فى المرحلة الأولى من الثورة، ولم يكن شريكا أساسيا فى الثورة، وأن الرئيس السادات عندما تولى الحكم انقلب على كثير من مبادئ ثورة يوليو.
وبالطبع لهم التحية محمد نجيب والسادات، لكن عندما تذكر ثورة 23 يوليو 52 يذكر الرئيس عبد الناصر فورا، فهو صاحب الثورة، وما بعدها من إنجازات فى مجالات كثيرة على مستوى الوطن والخارج وكذلك تحقيق أهداف الثورة.
ولم تتوقف حالة الخطاب على ثورة 23 يوليو.. فتطرق إلى الأحداث الجارية لكن دون تفاصيل.. وربما دون تأثير.
وربما كان السبب الرئيسى فى ذلك حالة الارتجال والحديث بالعامية التى ربما يفضلها الرئيس السيسى حتى الآن، ويعتبر أنها تقدم رسالته إلى الشعب، حيث كان تأثيرها بديعا على الناس قبل 30 يونيو ومنحته شعبية كبيرة، وهو الأمر الذى لم يعد ينفع الآن.. بعد أن أصبح فى منصب رسمى رفيع ومسؤول عن نقله مهمة للبلاد فى هذه المرحلة.. وربما هو المسؤول الوحيد، ومن ثم كان الانتظار والتوقعات والأمل عليه كبير.
ولهذا تحمل الناس كثيرا من أجل هذا.. وربما حالة تحمل رفع الدعم عن الوقود والزيادة فى أسعار السلع نموذج لذلك.
ومن ثم كان انتظار الناس للشفافية والوضوح بشكل أكثر.
فلم يفهم الناس رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خطاب 23 يوليو.. وكان هناك تشتت فى الخطاب!!
فقد حاول الرجل أن يقدم إنجازا.. لكنه لم يجد شيئا.
ومن ثم تكلم عن المشروعات والآمال فى المرحلة المقبلة كالحديث عن الطرق الزراعية لكن دون أى إفادة.
فقد كان مطلوبا -ما دام تطرق فى خطاب مناسبة 23 يوليو إلى الأحداث الجارية- أن يكون واضحا وصريحا فى ما يتحدث عنه.
فليس مطلوبا أن يتحدث عن مفاجآت.. فالناس ليست فى حاجة إلى تطلعات أخرى على مفاجآت سارة.. وتفاجأ بعد ذلك بأن تلك المفاجأة هو كلام عادى عن مشروع مطروح على سبيل المثال من فترة!!
وعندما تطرق الرئيس فى خطابه أيضا إلى حركة المحافظين أو فريقه الرئاسى لم يقدم شيئا جديدا، اللهم إلا الكلام المعتاد الذى يمكن أن يقدمه من هو فى المنصب الرفيع، وهو البحث عن «الكفء».
طب أين كان الرئيس عبد الفتاح السيسى من ذلك خلال الفترة الماضية؟ ألم يكن مرشحا لرئاسة ويعلم أن له شعبية كبيرة تمكنه من اجتياز اختبار الانتخابات.. ومن ثم كان يجب عليه اختيار فريقه الرئاسى منذ ذلك الحين ويختبرهم فى حملته الانتخابية وبرنامجه؟
لكن يبدو أنه ليس مقتنعا بعد بحكاية الفريق الرئاسى.. وأنه ما زال على ثقة أنه يمكن أن يدير البلد وحده أو بالمقربين منه فقط.
لقد جانب الرئيس عبد الفتاح السيسى الكثير فى خطابه الرئاسى الأول لذكرى ثورة 23 يوليو 1952.
فهذا خطاب مناسبة له أهمية كبرى لرئيس جاء من مؤسسة عسكرية.. وربما يدرس بعد ذلك لطلاب المدارس.
فكان يحب أن يكون الخطاب مكتوبا وملتزما.. فهو كلام يصدر عن رئيس فى مناسبة مهمة ويتطرق إلى أحداث جارية مهمة.. فكان مطلوبا أن يكون رصينا وواضحا.