ذكر تقرير نشرته صحيفة إندبندنت البريطانية اليوم الإثنين، أن الإسرائيليين باتوا أكثر براعة ومكراً في تبرير قتل أكثر من ألف ضحية في غزة، غالبيتهم من المدنيين، بالمقارنة مع 3 إسرائيليين قتلتهم صواريخ حماس وقذائفها.
وأضافت الصحيفة أن الناطقين باسم الحكومة الإسرائيلية أصبحوا أكثر دهاء وحنكة وأقل عدوانية في تبريرهم لارتفاع حجم الخسائر البشرية الفلسطينية، جراء الحرب الأخيرة على غزة، فيما كانوا سابقاً لا يبالون بالنتائج المفجعة.
تحسين الصورة
وأوضحت إندبندنت، أن هناك سبباً وراء تعزيز مهارات العلاقات العامة لدى الناطقين باسم الحكومة والجيش الإسرائيلي، فمن خلال ما يصرحون به، يبدو أن قواعد اللعبة التي يستخدمونها تمتاز بالمهنية، وتدل على إجرائهم بحثاً معمَّقاً سرياً حول كيفية التأثير على وسائل الإعلام، والرأي العام في أمريكا وأوروبا.
وكشف المحلل الاستراتيجي الأمريكي والخبير في استطلاعات الرأي فرانك لونتز، أنه أعد قبل 5 سنوات بحثاً كلفته به مجموعة “المشروع الإسرائيلي”، بمساعدة مكاتب في الولايات المتحدة وإسرائيل، كي يستفاد منه وتطبق نتائجه لمواجهة الحرب الإعلامية ضد إسرائيل.
تعليمات سرية
وأشارت الصحيفة إلى أن البحث الذي حمل عنوان “المشروع الإسرائيلي للقاموس اللغوي العالمي”، والصادر في عام 2009، ليس للتوزيع أو النشر، لم يلفت انتباه أحد رغم أهميته، لكن لابد من قراءته، وخاصة من قبل الصحافيين لما يحويه من تعليمات حول ما يجب على المتحدثين باسم الحكومة أو الجيش الإسرائيلي قوله أو إخفاؤه، بل وتجاهله.
فجوة كبيرة
وأضافت أن الاطلاع على البحث يوضح بعد المسافة بين ما المعتقدات والأفكار التي يتبناها الساسة والمسؤولون الإسرائيليون، وما يصرحون به، وهو الأمر الذي تمت دراسته بعناية شديدة عبر استطلاعات رأي، لمعرفة ما يود الأمريكيون سماعه.
ونتيجة لذلك، من الضروري لكل صحافي استمع لناطق إسرائيلي أن يراجع ذلك البحث كي يفسر جملة من العبارات والكلمات التي استخدمها ذلك الرجل.
ويحفل البحث بنصائح حول اختيار جمل وتعابير يفضلها الغرب، وعلى سبيل المثال يقر الأمريكيون بحق إسرائيل في رسم حدود يمكن الدفاع عنها، لكن لا يفترض بالمتحدث الإسرائيلي ذكر تلك الحدود بالضبط، فضلاً عن تجنب ذكر حدود ما قبل أو ما بعد حدود 1967، لأن من شأن ذلك تذكير الأمريكيين بماضي إسرائيل العسكري.
وينطبق هذا الأمر على جملة من العبارات التي تذكر العالم بحق العودة لمن هجروا في عام 1948، وغيرها من الحقوق الفلسطينية المشروعة.
تعاطف مع الجانبين
وقالت إندبندنت إن قسماً كبيراً من نصائح دكتور لونتز تركزت حول كيفية العرض، إذ أشار إلى وجوب استثارة التعاطف مع الفلسطينيين من باب أنهم ضحية إرهابيين يتحكمون بمصائرهم ويزهقون أرواحهم، قائلاً: “إن الساعين لإقناعك بفكرة ما لا يهمهم ما تعرفه، بقدر إدراكهم بمدى اهتمامك بقضية ما، لذا أظهر تعاطفك مع الطرفين”، وهذا بدوره يفسر سبب إبداء عدد من المتحدثين الإسرائيليين تعاطفهم الشديد مع فلسطينيين أصيبوا بقنابل وقذائف إسرائيلية.
تأكيد على البراءة
وأشارت الصحيفة إلى جملة وردت في البحث الإسرائيلي، وطبعت بخط واضح، إذ نصح لونتز المتحدثين الإسرائيليين أو الزعماء السياسيين بعدم تبرير القتل المتعمّد للنساء والأطفال الأبرياء، ووجوب مقاضاة وتحدي من يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم من هذا النوع، وبالفعل كان المتحدثون الإسرائيليون أمناء على هذه النصيحة، عندما قتل يوم الخميس الماضي 16 فلسطينياً، كانوا داخل ملجأ تابع للأمم المتحدة.
وفي كل مناسبة، يوظف الناطقون باسم الحكومة الإسرائيلية ما يجري من أحداث، لإعطاء انطباع للأمريكيين بأن إسرائيل تريد تحقيق السلام مع الفلسطينيين، وهي مستعدة لإجراء تسوية، في حين أن كل المؤشرات تنفي ذلك.
وكشفت دراسات حديثة حقائق حول سياسات إسرائيل المعاصرة في أوقات الحرب والسلم، والتي يتناقض ظاهرها مع باطنها.
أضف تعليق