كتاب سبر

فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة

د. عبد الله الطريجي وفقك الله وسدد خطاك لما فيه خير وصلاح، منذ تبوؤك مقعد الأمة لمسنا حرصك واهتمامك بالشؤون العامة للدولة، مما أضاف إلى نَفسك الإصلاحي المعروف عبيرًا فاح اريجه قاعة عبد الله السالم، القاعة التي لطالما تصارع عليها كل فرد ممن يؤمنون بصناعة السياسة ويحسبون أنفسهم ويزكونها على منابر الإصلاح كونهم طرقوا برغبتهم أبواب الدفاع عن الوطن والذود عن مصالحه، والمنتصر في نهاية الأمر يا أُ ُخي هو من يخرج من هذا الحقل سليم القلب، نظيف اليد، نقي السريرة.
وحريٌ بالإنسان أن يعمد إلى نفسه فيُراقي بها إلى معالي الأمور وأن يكتسب من الفضائل ما يعينه على السير في حياته بتؤدة ورسوخ، فيكون أقوى في المشي وأقوم بالهدي وأنجع في بلوغ الحاجة. وإن الإنسان كُل ما تحّرز من مظالم الناس وسعى لقضاء حوائجهم وتبّين قبل حُكمه على الغير، كان أدعى أن تثبت قدماه في الدنيا وأرحم يوم يلقى رب العزة والجلال. وما من حملٍ على الظهر أعظم وعلى النفس أشد وعلى الصدر أكبر من حمل مظالم البشر والذنوب لأنها شؤمٌ على أهلها ووبالاً على أصحابها.
د. عبد الله حفظك الله لا يختلف اثنان على أن ممثل الأمة له الاحقية في استخدام الأدوات الرقابية التي كفلها له الدستور في إطار المصلحة العامة للحفاظ على ممتلكات الدولة وتحقيق العدل بين الناس، فالعدل فضيلة الإنسان والعرفان جوهر كل عمل رائع عظيم.
  نشرت الصحف المحلية قبل أيام تصريحًا يحتوي على حزمة من الأسئلة النيابية التي توجهت بها إلى معالي نائب رئيس مجلس الوزراء-وزير التجارة والصناعة د. عبد المحسن المدعج كونه رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للصناعة لتبيان بعض الحقائق التي تصب حول قرارات التعيين والنقل والتكليف والتقييم وإجراءات التعامل مع التظلمات والاستنادات الرئيسية …. وغيرها من أسئلة تفصيلية دقيقة، كثيرة، ترهق وتربك العمل وتُشغل الموظفين عن أداء وظائفهم، مالم تكن تلك الأسئلة مقرونة مسبقا من قبل النائب بالأدلة ومدبوغة بصكوك البراهين لتُكون بذلك حقائق صحيحة ثابتة تستحق عناء التكلف.
د. عبد الله تأكد كما قال غاندي: “كثيرون حول السُلطة وقليلون حول الوطن”، وأنا أقول كثيرون على قيد الحياة ولكن قليلون على قيد الإنسانية، فالوطنية الصحيحة لا تتكلم كثيرًا، ومشكلتنا الكبرى هي مثالية الوسيلة وغموض الغايات، فمن بعث لك بهذه الأسئلة كحاطب ليل، ربما وضع الأفعى بين حزمة الحطب، فالإصلاح يبدأ بالتوفيق بين الطرفين من خلال تبيان الحقائق والإصلاح لا يعني الاستبعاد وعقلية الثأر، الإصلاح يتطلب وحدة وطنية بين الجميع وعلى كل المستويات، الإصلاح يتطلب الإخلاص بين البشر، ومن باب التعاون والإنصاف في هذا الشأن كان يجب لزامًا على النائب الاطلاع على وجهة النظر الأخرى من خلال اتصالاته واجتماعاته المباشرة مع المسئولين لمعرفة الحقيقة قبل أن تشتعل أزمة مفتعلة تخدم مصالح وأغراض أخرى.
فوالله لن تنعم الشعوب بالسلام مادامت هناك دول أو جماعات أو أشخاص يعتبرون أنفسهم فوق القانون، ولا يريدون تطبيق القانون ويستمتعون بالتجاوزات لمصالحهم الخاصة، وحين يطبق على الجميع القانون تشتعل موجة من التشهير ووضع العصى في العجل، لن أقول هناك شخصانية ولكن تنافس غير شريف على المناصب القيادية، وكما قال مصطفى الرافعي: “إذا أسندت الأمة مناصبها الكبيرة إلى صغار النفوس، كبرت بها رذائلهم لا نفوسهم”.