كتاب سبر

همزتنا المفقودة !

كلما استرجعت تفاصيل قصة ” البدون “, تذكرت قصة أخري لها جسد مختلف ,ولكن كأن روحها وروح  قصة “البدون” نفختا من مشكاة واحدة ! . القصة تدور حول تفسير اللغويين لأصل  ” أبجد ,هوز حطي كلمن ….”  أو النسق المعروف للأبجدية  , فبعض اللغويين ارجع أصلها الى أن ” أبجد ” و” هوز ” و” كلمن ”  وغيرها هي أسماء  لملوك مدين  !, وبعضهم قال انها أسماء الأيام  الستة التي خلق الله بها الارض  !, وبعضهم رمى رمح الراجح وذكر بانها أسماء شياطين ! , وبعضهم سل سيف المرجوح وقال انها لقوم ذوي صلاح كانوا في الجاهلية الاولي يعلمون الاسماعليين العربية ! .
وقد يقول قائل ” وش جمع  يا أخينا شامي أبجد هوز على مغربي  البدون ” ! . فاقول له أما بعد ” حنانيك ” ,وجه الشبه يا مولانا بين القصتين هو انه بالرغم من تفصيل أهل اللغة الممل لثوب “الأبجد هوز” ,وإيرادهم  لألف جمل تفسير في سم خياطها!,  فانهم في المقابل لم ينبسوا ببنت شفة حول حق حرف مظلوم يدعي ” الهمزة” , هذا الحرف مع الأسف “سقط قهراً” من تاريخ الأبجدية  ,ولم ينصفه سوي الفراهيدي الذي اعترف به في كتابه العين جاعلاً اياه الحرف التاسع والعشرون .
 نعم اضاعوه واي حرف اضاعوا  ليوم ” تَحبيرةِ” وسداد ” سطرِ” ! وهو من هو , حرف يقطع ويصل , لولا تسلقه لحرف الالف لم نجني منه عذوق رطب ضم ولا نصب , هي الهمزة ان جلست على عرش الياء حكمت الكلمات وساقتها بعصاها , وان تربعت على السطر ثبتت رسمه  لكي لا تميد به جبال المنطوق , هو حرفُ فارس للوغي ان اعتلى ظهر الواو شقت حوافرها غبار الكلم  . ونطحت بصدرها  لا تبالي كتائب الإعراب, وجحافل النحو والصرف .
وكذلك بذاك !  “البدون” هم الهمزة المفقودة في تاريخ أبجدية وطننا  , اهملوا  و”سقطوا سهراً ” طوال ليلهم الطويل  , رغم أنهم كانوا طوال تاريخهم واصلين لألف موقف مشرف وقاطعين لألف شبهة واهية , كم مبدع لهم تسلق حروف الاف  المجالات ليجني باسم الكويت رطب ابداع  جنياً ؟! , وكم من شهيد لهم ربض على سطور الوطنية مثبتا  بأوتاد روحه جبال  الوطن  لكي لا يميد بها زلزال مطمع  !, كم احلام  لهم امتطت سروج ” واو العطف ” مراراً وتكراراً , سالةً  سيف الآهات  من اغماد الدعوات  , راميةً  بسهام ” الآمين” نحور السحاب .
هم حرفنا المفقود الذي لم يجد “فراهدياً” منا ينصفه فيجعله في ” عين الوطن ” !  حرف تشاغلنا عن انسانيته الفصحي بقصص ” أبجد و”هوز ” وروايات ” حطي” و”كلمن ” , قصص وروايات ضمها “سيناريو ” ما أنزل الله به من سلطان وما سطرت به الأمم حقوقاً  للإنسان  ! .
عفواَ , إن ذكرت في أول مقالي اني استرجعت قصة “البدون”  ! , فالاسترجاع شرعاً هو قول : انا لله وانا اليه راجعون والاصح انني كلما تذكرت حرفنا المفقود استرجعت وحوقلت فانا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله  العلي العظيم !