كتاب سبر

محمد الجسمي.. كما سمعت

كل فترة يغيب عنا أحد شباب الدعوة أو مشايخها ورموزها ، وفي كل حالة وفاة لكل شخص يقف شباب الدعوة وقفات يتذكرون بها أصحابهم ومعارفهم من الدعاة ويذكرون مناقبهم وأحداث جمعتهم ومواقف جميلة حدثت معهم ، ونجد هذا التفاعل لا يتوقف مع الأصدقاء والمعارف بل يتجاوز ذلك بكثير إلى أوساط وشرائح مختلفة ومتنوعة وبعيدة ، وهذه الوقفات والظواهر مهمة ورائعة وحق من حقوق الداعية الى الله مع إخوانه الدعاة بذكر المناقب ونشر سيرته ليعرفها القريب والبعيد وليس في ذلك أي نوع من أنواع المبالغة فوجود الإنسان الصالح الداعية الى الله صاحب الخلق الحسن المهتم بإنجازاته في الحياة عملة نادرة وقليلة في هذا الزمن الغارق في الفتن والشهوات وملذات الحياة التي يسهل ان تجعل الشاب ينجرف إليها ، وكما أن الواقع يفرض علينا أسماء بنجوميات كبيرة وهم بالحقيقة قضوا أعمارهم لأهداف تافهة أو بسيطة فمن حق شباب الدعوة أن يكون لهم التميز بالذكر وتخليد أفعالهم ومواقفهم الطيبة حتى يكونوا خير قدرات لمن هم مثلهم بالدعوة أو خارجها من الشباب ، وكما أن الوقوف مع العزيز والصديق والبر معه بحياته ومماته قمة الوفاء والمرجلة وإظهار لزكاة العلاقة وأيضاً فمن جمال هذه الدعوة المباركة أن لا تنس من ينتسب إليها ويقضي أجمل سنين عمره معها باذلاً ومضحياً وعاملاً فالوفاء عند الموت قمة الخلق العظيم المشرف.
منذ أيام ودعنا الأخ الدكتور محمد خالد الجسمي رحمه الله وقد توفي بعد فترة قضاها في غيبوبة بعد حادث حصل له ، في الحقيقة أنا لا أعرف هذا الإنسان إلا بالإسم وربما واجهته بعض المرات في بعض المناسبات التي نلتقي بها مع شباب الدعوة ولكنني لم أسمع عنه إلا كل خير وثناء من القريبين منه ومعارفه قبل وفاته وبعد وفاته رحمه الله ومن شدة الثناء عليه وذكره الحسن أحببته بعد وفاته خاصة أن من يثني عليه ويزكيه هم من أثق بهم وبشهادتهم بشكل كبير وعلى علم بأخلاقهم وببذلهم للدعوة وأنهم لا يثنون على أحد إلا اذا كان مميزاً بالفعل ، ومما سمعته عنه رحمه الله عدة أمور:
1- حفظه للقرآن الكريم وهذه عملة نادرة وتوفيق من الله أن يسخر الإنسان لحفظ كتابه في بيئة مادية ودنيوية تجعل الإنسان في وحشة مع كتاب الله تعالى.
2- أخلاقه الحسنه وهذا ما تبين من ثناء إخوانه بالدعوة من المربين الكبار أو من هم في عمره أو الشباب الأصغر منه عمراً الذين عرفوه بالعمل معه في الدعوة عموماً ونادي التميز خصوصاً ، ولاحظت أيضاً ثناء شديد له رحمه الله من الزملاء في دراسته وفي الوظيفة وظهر عليهم الحزن لوفاته وحسن الخلق مع البعيد والقريب من الأمور المهمة التي لا تنفك ابداً عن الداعية.
3- اشتغاله في العمل التربوي بالدعوة ومن يعيش في هذه الدعوة يعلم أن من يستمر في العمل التربوي مع الشباب الناشئة بعمر المتوسطة والثانوي هو موفق لأمر يندر البقاء فيه والأستمرار خاصة في هذا الزمن الذي يحب فيه الكثير من الدعاة الأمور السهلة والبسيطة وتقديم القليل من الواجبات والميل إلى الراحة والتنظير .
4- إشتغاله في مهنة الطب وهذا الأمر يعطي صورة رائعة للداعية المتخصص في الطب وبعض العلوم المهمة بالحياة حتى لا تكون هذه المهن بعيدة عن شباب الدعوة ولا يتصور الناس أن الدعاة والملتزمين عموماً بعيدين عن هذه الأمور.
5- بر الوالدين والسعي نحو رضاهم والكثير من الشباب للأسف حتى بعض شباب الدعوة لديه تقصير مع أهله حتى أحياناً بسبب الإنشغال بالدعوة!
6- همته العالية وحرقته وتجد هذا الأمر عند الداعية عندما يكون حديثه الدائم عن الدعوة والأمة وكيف نتطور وننهض بهم جميعاً ويفكر دائماً بالوسائل المفيدة للتقدم ويتألم عندنا تضعف هذه الأمور حتى أنه كان لديه مشروع طبي تطوعي تمنى أن يتم إنجازه وإخوانه من بعد وفاته على قدرة لتحقيق أمنيته و(إنما الأعمال بالنيات)
لقد توفي كثير من الشباب الذين لا أعرفهم في صفوف الدعوة وربما أعرفهم بشكل بسيط ولكن حقيقة لا أعلم سبب أهتمامي بهذا الإنسان بعد وفاته وحب السماع عنه ، هناك سر عنده الله أعلم به وهناك توفيق من الله تعالى له ، لا أظن هناك أمر يتمناه الأنسان بعد وفاته مثلما يتمنى أن يترك أثراً يديم أجره وذكره الحسن.