كتاب سبر

هذه بضاعتكم ردت إليكم

يوم الثلاثاء الماضي، صُدم العالم بخبر مقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة على يد داعش. ما صدم العالم ليس مقتل معاذ في حد ذاته، لأن العالم تعود على مناظر القتل والذبح التي يقوم بها هذا التنظيم المجرم، وإنما الذي صدم الجميع هو الطريقة التي قُتل بها حرقاً، فقد كان مشهد الحرق مروعاً وصادماً للجميع، ومع أن الجميع يعرف وحشية وهمجية هذا التنظيم التكفيري، لكن لم يكن يخطر على بال أحد ان تصل هذه الوحشية إلى حد إحراق إنسان وهو حي، والأفظع أن يكون ذلك باسم الدين، حيث أظهرت نهاية شريط الحرق فتوى لابن تيمية تجيز حرق “الأعداء”، وهو ما يبين خطورة الفكر التكفيري الذي يتبناه مثل هؤلاء.
إذا كان مشهد حرق الطيار الأردني محزناً ومؤلماً من الناحية الإنسانية فإن له جانباً إيجابياً من جهة اخرى، فهو يكشف للذين دعموا وسهلوا ومولوا داعش لمصالح آنية فداحة ما فعلوا، وها هم اليوم يكتوون بنار هذا التنظيم المجرم الذي يسعى في الأرض فساداً. وإذا كان الأردن المعني الأول في عملية حرق الطيار وأعلن أنه سيشن حرباً لا هوادة فيها على داعش فعليه أن لا ينسى أن هناك 1500 أردني أنضموا إلى داعش بعلم السلطات الأردنية، وهؤلاء قد ارتكبوا ولازالوا فضائع وجرائم بحق أبرياء.
يبدو أن العالم للتو أدرك مدى خطورة داعش على المجتمعات كافة، في حين أن المرجع الديني السيد السيستاني قد سبقهم بأشهر عندما دعا إلى الجهاد ضد هذه العصابة المتوحشة، وحينها تم إتهامه بأن دعوته هي لمحاربة السنة، وأن ظهور داعش هو في حقيقته ثورة للعشائر السنية المظلومة، وراح الكثيرون ممن في قلبه مرض وفي عقله لوثة يروج لدولة الخلافة التي أسستها داعش، وبلغت الوقاحة بأشخاص مثل عبدالله النفيسي والطبطبائي والمناور والعجمي والمليفي إلى التبشير بقرب الوصول إلى بغداد وتحقيق النصر المؤزر. بعد أن ظهرت حقيقة داعش التي لم تكن خافية بلع هؤلاء وأمثالهم ألسنتهم، بعد أن ظلوا لشهور يجمعون التبرعات له ولأمثاله من التنظيمات الإجرامية بحجة إغاثة الشعب السوري.
رغم انكشاف الخطر الذي يمثله نموذج داعش على العالم ككل، لازال الغباء والنفاق الأمريكي مستمراً في استثمار وجود داعش لمصالح سياسية، والطريقة التي “يحارب” بها الأمريكان داعش والتي هي أقرب إلى إجراء مناورات وتدريبات عسكرية تدل على أن الأمريكان ظالعين في ظهور داعش إلى جانب بعض الدول الخليجية، ولكن ليعلم كل هؤلاء أن نصيبهم من بركات داعش سيأتي تباعاً، وعليهم أن لا يضجوا ولا ينزعجوا من أفعال وتصرفات داعش لأن الآية الكريمة تقول “هذه بضاعتكم ردت إليكم”.
د. صلاح الفضلي
salahma@yahoo.com
@salahfadly