بورتريه

بورتريه
عيّاد الحربي.. يكسِر قُضبان الكون ويسجنُ السجّانين..!

‏لا أحد يحبُّ السجون ولا السجانين.. والسجون ليست فقط مجرد غرف ضيقة وزنزانات وقضبان، لكنها كل ما يحاصرك ويجعلك تحس أن هناك نهاية لمشوارك عندما ترتطم بالجدار والسور والقضبان..

إلاّ “عيّاد” استوت عنده الزنزانة والقارة عندما أحسَّ بأنه سجين في حدود مكان لا يتّسع لـ”رأي حُر”.. وما أضيق القارة حين يكون لها قضبان وحدود تحبسُ عنكَ نسمات الحرية..؟! لطالما انتابه شعور أن الأرض كلها لا تكفيه كي يكون طليقا وحرا عندما عرف أن لهذه الأرضِ سياجاً وجدراناً بناها “عقلٌ بوليسيّ شيطاني”..! صار يحلمُ برحلة ينطلق فيها نحو ساحات بوِسع الكون حيث لا حدود ولا تقيّيد لـ”حرية التعبير”..

عيّاد خالد الحربي.. شابٌ في العشرينات من عمره.. صحفي وكاتب ومُدوّن.. كُرِّم بدرع تذكاري في العاصمة البريطانية، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي أقيم في لندن عام 2013 وكان معتقلًا حينها. مؤمنٌ بقضايا وطنه.. شُعلة من نشاط في المسيرات والاعتصامات دفاعاً عن المبادئ والقيم والحريّات ومواجهة الفساد.. منذ أشهر ينفّذ عيّاد حكماً قضائياً صدر ضده بالسجن عامين.. ليس لأنه كان “فاسداً” أو “مُزوّرا” ولا “راشياً” ولا “مُرتشياً”.. تهمته كانت “رتويت” إعادة تغريد لجزء من قصيدة للشاعر أحمد مطر فاعتبرتها “جهة أمنية” مساساً بالذات الأميرية على الرغم من أن ذات القصيدة نشرتها جريدة القبس في وقت سابق ولم تُجرّم.

في المعتقل تعرّض عيّاد للضرب والتهديد والأذى الجسدي والنفسي، ورميه مقيّد الأرجل واليديْن في ممرّات السجن عدّة ساعات.. لم يُدرك من في قلبه “مرض” وفي صدره “غِل” و “حِقد” أنّ زنزانة “عيّاد” أصبحت معقلاً من معاقل الحرية المُطلقة وأكثر رحابةً من المجرّات بالنسبة إليه.. وهذه أول مرة تدخل فيها الحريّة سجناً لتمارس حريّتها..! الكون مليئ بالقضبان الحديدية والأقفال والسجّانين..

وحده سِجن “عيّاد” يكسر قضبان الكون ويسجن السجّانين.. وهو أول “سِجن” تُزغردُ فيه الحريّة ويكون من بداخله طليقاً ومن يحاصره سجيناً.. فالحرية صارت سجناً في زمن الأحرار.. والسجنُ صار الحرية.. تناقض مثير للدهشة.. لا يشبهه في غرائبيته الا قصيدة صوفية لـ “الحلاّج” الذي يرى الحياة في الموت والموت في الحياة عندما يقول: “اقتلوني يا ثقاتي.. إن في قتلي حياتي.. ومماتي في حياتي.. وحياتي في مماتي”..! السلام والمجد لـ عيّاد ورفاقه.