بورتريه

بورتريه
خالد مشعل.. “مواسم الزيتون” لا بدّ أن تأتي..!

ليس كغيره من السياسيين “الانتهازيين” الذين التصقت عندهم قيمة  “الثورة” بـ”الثروة” فاختلطت حروفهما وتداخلتا وتبادلتا الأنخاب والكؤوس على مائدة واحدة..! ففلسطين بالنسبة له  ميزان الذهب الدقيق للمواقف العربية والأجنبية تجاه “القضية” وبها يعرف نقاء الذهب السياسي من غشه بالخلائط المعدنية والنحاس.
خالد مشعل “أبو الوليد” رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) من مواليد مايو 1956 في قرية سلواد قرب رام الله بالضفة الغربية.. أمضى فيها أعوامه الأولى قبل أن يسافر مع عائلته إلى الكويت إثر الحرب العربية الإسرائيلية العام 1967، حيث انطبعت في ذاكرته طفلاً حكايات المقاومة التي خاضها والده ضد الانتداب البريطاني على فلسطين. 
أكمل دراسته المتوسط والثانوية والجامعية في الكويت وتخرج من جامعة الكويت متخصصا في “الفيزياء”.. حين كان طالباً لفت انتباه من حوله بابتسامته الشهيره وقدرته على اللافتة على المجادلة والنقاش.. حيث توضحت ملامح شخصيته السياسية أكثر.. قاد التيار الإسلامي الفلسطيني في جامعة الكويت.. شارك في تأسيس كتلة الحق الإسلامية التي نافست قوائم حركة “فتح” على قيادة حركة الاتحاد العام لطلبة فلسطين في الكويت.. تلك الكتلة التي تحولت بعد تخرجه الى ما يعرف بـ “الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين”.. 
عمل بعد تخرجه مدرساً للفيزياء في الكويت.. وعرف عنه ثقافته الواسعة وقراءاته المتعددة التي جعلته يصيغ مواقف “حماس” بعبارات “منطقية”.. صلبٌ و مرنٌ في آن معاً.. محاور يوصد الباب ولا يقطع خيط الصداقة مع من يختلف معهم.. 
بزغ نجمه السياسي بعد إنضمامه إلى “الإخوان المسلمين” بجناحه الفلسطيني عام .1971
شارك “مشعل” في تأسيس حركة “حماس” عام 1987 وانضم إلى المكتب السياسي للحركة منذ تأسيسها ولدى عودته إلى الأردن أصبح عضوا ناشطا فيها حتى انتخب عام 1996 رئيسا للمكتب السياسي للحركة.. 
أصبح من أكثر شخصيات “حماس” قبولا إعلامياً الأمر الذي دفع اسرائيل إلى محاولة اغتياله بمنطقة “الجاردنز” في عمّان من خلال حقنه بالسُّم في عملية نفذتها عناصر “الموساد” ويومها دخل مشعل في غيبوبة وقد أثار هذا الحادث غضب العاهل الأردني الراحل الملك حسين الذي ألزم اسرائيل بتقديم الترياق المضاد لحقنة السّم مقابل الإفراج عن عناصر الموساد الذين نفذوا العملية.. وفي موازاة ذلك أفرجت اسرائيل يومها عن الشيخ الراحل أحمد ياسين.
علاقة مشعل بالأردن كانت مشوبة بسوء الفهم أحيانا وبطبيعة التوازنات السياسية في المنطقة ففي عام 1999 اعتقلته السلطات الأردنية بعد قرار إغلاق مكاتب “حماس” في الأردن، كما اعتقلت عدداً من كوادر الحركة، وبعد الإفراج عنه غادر مع ثلاثة آخرين من قيادات الحركة إلى دولة قطر بعد شهرين من اعتقاله.
 بعد ذلك استقر في العاصمة السورية دمشق، وبعد اغتيال القوات الإسرائيلية للشيخ أحمد ياسين أعلنت الحركة في مارس عام 2004 انتخاب مشعل رئيساً عاماً للحركة.
تمكن مشعل من نسج شبكة علاقات متينة بين “حماس” وبعض الدول العربية لكنه في الوقت ذاته يرفض ويحارب فكرة الوطن البديل أو توطين اللاجئين أو مصادرة حق العودة.
منذ توليه منصبه القيادي في “حماس” وهو أمام تحدٍ مستمر، تحدي الحفاظ على استقلالية قرار حماس وابتعادها عن سياسة الاستقطاب العربي والإسلامي، وتحدي مواصلة المقاومة على أرض فلسطين، والأهم رفع حالة الحصار على غزة التي أصبحت  تواجه وضعا كارثيا.
مغادرته لسوريا جاءت بعد موقفه الرافض لسياسات الحكومة السورية تجاه الشعب السوري، وعلى الرغم من اعترافه بـ”الجميل السوري” على حد وصفه، إلا أن قتل الشعوب لا يمكن السكوت عنه.. ويوما ما سوف تنتصر الشعوب و “مشعل” “الفلسطيني” إبن أرض الزيتون هو أكثر من يعلم أن “مواسم الزيتون” قد تتأخر لكن لا بدّ أن تأتي..!