كتاب سبر

بقلم.. سارة الدريس
قانون الإعدام الالكتروني!

مضى وقت طويل لم أكتب فيه مقال .. خاصة بعد أن أخذت مواقع التواصل جل وقتنا واهتمامنا .. ولا أدري هل اعتبر هذا المقال عودة للأصل .. على اعتبار أن المقال له ثقله و باقي وسائل التعبير “هبة .. رغم أنه الآن قد يكون “تويت” يغني عن مقال في ظل سرعة الانتشار وتفضيل مجتمعنا الذي لا يقرأ أصلا المختصر عن الإسهاب .. “ما أطول عليكم”، ما دفعني لكتابة المقال أهمية وخطورة الموضوع و ضرورة خلق رفض شعبي لهذا القانون .. قانون الإعلام/الإعدام الالكتروني الذي يمسّك أنت “المواطن البسيط” بشكل مباشر!
أولًا: وكالعادة، صياغة مطاطة “لجميع المقاسات” وهلامية “تغطي الكل” تعطي احتمالية كبيرة للاتهام والكيدية والاستقصاد، مثل “مخالفة النظام العام ، المساس بالآداب العامة، الإضرار بالأمن العام”، وحكومتنا فنانة في هذا ولا يغلبها أحد في خبثها وغيها .. و حاكمة الشباب و حبسهم احتياطيا دون توافر مبرراته وأحكام سجنهم مثال حي على الانتقائية وتكييف النصوص لقمع منتقدي الحكومة.
ثانيا: غموض نطاق تطبيق احكام مشروع القانون خاصة أنها واسعة عامة تشمل كل استخدام للتواصل الاجتماعي مثل “المحتوى الالكتروني ، النشر الالكتروني ، الاعلام الالكتروني”  و هذا يعني و لا شك محاصرة و معاقبة كل المغردين و المدونيين وملاحقتهم قضائيا حال إبدائهم أي رأي مخالف للحكومة ، و بالإمكان أن “تلبسهم” الحكومة أي من النصوص المطاطة المستخدمة في صياغة القانون
ثالثا: تخيلوا حتى تنشئ موقع الكتروني او حساب اعلاني يتطلب منك تقديم طلب ترخيص و تعيين مدير للموقع ، و يصدر الوزير قرار بشأن الترخيص خلال 30 يوم و اذا انتهت المده و لم يصلك الرد اعتبر طلبك مرفوض و دون تسبيب أيضا! .. كذلك يجب أن يودع صاحب الموقع مبلغ 5 الاف دينار للوزارة .. يعني اي موقع تعليمي ، ثقافي ، فني اجتماعي حتى لو كان على اليوتيوب تنطبق عليه هذه الشروط! .. طبعا في حال مخالفتك اي من نصوص القانون تدفع من ثلاث الى عشر الاف مع حجب موقعك نهائيا! .. يعني جهد جميل كجهد الزيادي مثلا و الذي يتجاوز افضل القنوات الاعلامية و الرسمية عندنا يجب ان يواجه كل هذا التضييق! .. و هذا لا شك وأد للإبداع الشبابي .. بدل دعمهم.
مشكلة وزارة الاعلام و الحكومة عموما انها تعمل بعقلية الرقيب المسلط سيفه على الناس ، و يفترض فيهم سوء الظن و يريد أن يضيق عليهم و يضعهم في قالب حتى لا يخرجوا عن سيطرته و سلطته او يعترضوا عليه .. و واضح جدا من هذا القانون المهين أنهم يريدون السيطرة على الناس في تويتر .. يؤرقهم هذا التويتر .. يعتبرونكم “شوية مشاغبين يبون يسكتونهم ” و بقانون أعوج متخلف سيقره مجلس بو صوت الصوري البصام “و هو يضحك” و يلوح للكاميرا أيضا! .. هنا عليكم أنتم أن تدركوا حجم تأثيركم .. و أهمية رأيكم و دوركم .. بإمكانكم أن تسقطوا هذا القانون المصيبة.. لا بد لكم من مواجهة هذا القانون و التصدي له بكل الوسائل الممكنة و الا و بهذا القانون حتى رسائلك في الواتس اب و اي حتى شبكة اتصالات مجرمه!.
طبعا هذا القانون نسف كامل لأي شكل من أشكال حرية الرأي و التعبير .. و دستورنا المنحور .. و كل المعاهدات الدولية خاصة مادة19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و الذي صادقت عليه الدولة و الملزمة بتطبيقه .. بل و تغيير القوانين المحلية بما يتناسب و هذه الاتفاقيات .. لكن هذه الحكومة “تمشي عوي” و بدل لا تعمر تخرب! .. و بدل لا توسع نطاق الحقوق تضيق و تقمع و تنتهك و “بوجه ما فيه حيا”.. 
الفضاء الالكتروني فضاء حر .. ليس ملك الدولة ولا يخضع للحدود الجغرافية و ليس لأي حكومة سلطة عليه .. من يسيء “و اعني السوقية و البذاءة الواضحة الصريحة” يحال للنيابة و من يتعرض للسب و القذف يلجأ للقضاء وفق قانون الجرائم الالكترونية .. اما أن أحد من حرية الأشخاص في التعبير عن آرائهم وفق الوسائل المتاحة لكل العالم و أضع قيد على رقابهم أحركهم كيفما أشاء! .. هذا سلوك حكومة ديكتاتورية متخلفة لا تحترم مواطنيها و تتعامل معهم كرعاع مجانين و همج يجب السيطرة عليهم قبل أن يثوروا ضدها و يواجهوها بتجاوزاتها.. نعم هم يرونكم كذلك .. و لا تنسون ايضا “حفنه و لفو و غوغاء” فهل ستتعاملون مع حكومة كهذه كرعاع؟ .. ولا مواطنين احترامهم مفروض و “غصبا عن خشم الحكومة” و بموجب الدستور و إن كان منحور؟!

سارة الدريس
@saraaldrees
Aldrees.sara@gmail.com