كتاب سبر

بقلم.. محمد الوشيحي
الورد والشمع وسعود العصفور

كتب سعود العصفور تغريدة في تويتر: “حضرت جلسة من جلسات دخول المجلس وللإمانة كانت طريقة القاضي بتحضير المتهمين وبعضهم نواب سابقين وصفهم على جانب القاعة.. مهينة!”

كنت أظن أن المجلس الأعلى للقضاء سيستدعي القاضي، بناء على هذه التغريدة، إن علمَ عنها، وبالطبع يستدعي النواب وبقية المتهمين، وقبلهم سعود العصفور، للتقصي ومعرفة صدقية هذه التغريدة من عدمها، باعتبار أن التعامل مع المتهمين بطريقة مهينة، إن صدق سعود العصفور، يكشف نوعية الحكم الذي سيصدر، وهو ما يخدش صورة القضاء، بل يكسرها ويفتت زجاجها.

بل كنت أظن أن القاضي، نفسه، سيعقد مؤتمراً صحافياً، يفسّر فيه للشعب حقيقة الموضوع، إن كان واثقاً أنه مظلوم، ويعلن تحديه لسعود العصفور والمتهمين والمحامين، مستنداً إلى ما سجلته كاميرات المراقبة. ويكتفي بذلك. وبهذا يكون قد دافع عن نفسه بشموخ وثقة وصدقية، تجلب له تعاطف الناس وتأييدهم، وقبل ذلك، تعزز ثقتهم بالسلطة التي ينتمي إليها.

كنت أظن، وكنت أظن، وخاب ظني، واكتشفت أنني أجهل القانون الكويتي جهلاً مبيناً. فما حصل هو أن القاضي رفع دعوى قضائية على سعود العصفور، نظرها قاض زميل له، أصدر حكمه بحبس سعود العصفور قبل الموعد المحدد للنطق بالحكم (الموعد المحدد للنطق بالحكم، والمكتوب في الجدول، هو الرابع من شهر يناير المقبل) وبالصدفة المحضة وصل خبر الحكم للمحامي بحبس موكله سعود العصفور شهراً مع النفاذ، فارتفعت حواجب كثير من الناس دهشة وحسرة.

قبلها، كنت على الشرفة، بشموعي وورودي، أنتظر رؤية مشهدٍ عظيمٍ يعزز من صورة القاضي، في أعين الناس، في الكويت والعالم أجمع، ويبين حرصه على سمعة القضاء والعدالة في هذا البلد. وكنت أفرك كفيّ لتسخينهما قبل التصفيق واقفاً، وكنت أسلّك حنجرتي قبل صيحات الإعجاب بثقة القاضي بنفسه ومهنيته… لكنني رميت الورد، وطفيت الشمع، يا حبيبي… بعد أن تبين لي جهلي بالقانون الكويتي.