بورتريه

بورتريه
سمير القنطار.. النهاية “ليست” مؤسفة حين تتبدّل “المفاهيم”..!

كان يرتدي “عباءة الموت” مذ ذهب إلى فلسطين شابا ومقاوما “نقياً” يزرع سنابل “الرصاص” مع سنابل “القمح” حتى قضى 30 حولاً في سجون الاحتلال لم يسأمِ. ومن أجل ذلك سمّي “عميد الأسرى العرب”.. آخر الرجال “الشجعان” حين كانت الوجهة فلسطين والعدو اسرائيل. وحين تغيرت الوجهة وتبدّلت المبادئ والمفاهيم  لم يكن رحيله مؤسفاً عند كثيرين..!  كيف لا..؟! وهو الذي تحوّل من “قلب أسد” يهابه “المُحتل” إلى خنجر في يد “الأسد” الدكتاتور.
سمير القنطار لبناني “درزي” برز اسمه عام 2008 عندما قرر حزب الله إدراجه في صفقة تبادل للأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي تم بموجبها الإفراج عنه وعن 4 آخرين من أفراد الحزب.
ولد عام 1962 في بلدة عبية في محافظة جبل لبنان.. بدأ عمله المسلح قبل أن يكمل عامه الـ16.. وفي منتصف عام 1979 وصلت مجموعة بقيادة عبد المجيد أصلان، مهنا المؤيد، أحمد الأبرص، من أفراد “جبهة التحرير الفلسطينية”، إلى مدينة نهاريا الإسرائيلية عن طريق البحر بزورق مطاطي. وحاول أفراد المجموعة اقتحام مبنى سكني، ولكن بعد اشتباك مع صاحب المنزل ورجال من الشرطة انسحب المهاجمون بعد مقتل شرطي إسرائيلي وأحد أفراد المجموعة.
وعلى إثرها وصلت مجموعة أخرى بقيادة سمير القنطار إلى “نهاريا” واقتحمت مبنىً سكنياً، وتمكنت من القبض على إسرائيلي يدعى “داني هاران” وابنته “عينات هاران” قبل أن يقتلا خلال العملية.
أطلق أحد السكان النار على مجموعة القنطار من سلاحه الشخصي، ما أدى إلى مقتل أحد أفرادها، وحاول باقي المجموعة الانسحاب مع الرهائن إلى ساحل البحر، قبل أن تتدخل شرطة الاحتلال الإسرائيلي وتلقي القبض على المجموعة، وانتهت العملية بمقتل الرهائن في تبادل لإطلاق النار وإلقاء القبض على القنطار.
خلال سنوات سجنه لدى الإسرائيليين سجّل القنطار كطالب في الجامعة المفتوحة بتل أبيب بنظام “التعليم عن بعد”. وفي سبتمبر 1998، منحته الجامعة المذكورة درجة بكالوريوس في الأدبيات والعلوم الاجتماعية.
بعد قرابة 30 عاماً قضاها في السجون الإسرائيلية، تمكن حزب الله اللبناني من الإفراج عن سمير القنطار يوم الأربعاء 16 يوليو 2008 في صفقة لتبادل الأسرى مع إسرائيل.
وبموجب الصفقة تم الإفراج عن القنطار و4 لبنانيين من أفراد حزب الله، تم أعتقالهم في حرب يوليو 2006، إضافة إلى جثث 199 لبنانيا وفلسطينيا في مقابل تسليم حزب الله جثث جنديين إسرائيليين.
وحظي الإفراج عن القنطار ومن معه باستقبال رسمي في مطار رفيق الحريري ببيروت، وأقام حزب الله احتفالات ألقى فيها الأمين العام للحزب حسن نصرالله كلمة ترحيبية بالمعتقلين المحررين.
وبعد عام على الإفراج عنه، أعلن القنطار زواجه من الإعلامية في قناة العالم زينب برجاوي، بعد ذلك اختفى القنطار عن المشهد تماماً، وأصبح ظهوره نادراً.
ثم جاء الوقت الذي سدد فيه القنطار ثمن حريته لحزب الله ولكن الثمن كان غاليا.. كل سنوات نضاله الحقيقية ومقاومته “النقية” مع “جبهة التحرير الفلسطينية” ذهبت سداً “فداء” لـ”حزب” و”نظام فاشي” في دمشق أمعنوا سنوات في قتل السوريين وتشريدهم وكان القنطار واحدا من أسلحتهم في مواجهة المعارضة السورية في الزبداني ومناطق أخرى.. 
صباح أمس الأحد أعلن حزب الله عن مقتل سمير القنطار في غارة إسرائيلية استهدفت مبنى في العاصمة السورية دمشق.. وتشير تقارير صحفية غربية واسرائيلية بأن روسيا والنظام السوري يعلمون تمام العلم بتلك العملية كجزء من ثمن لاتفاق دولي حول سوريا يقضي بتصفية كل من سبّب إزعاجا للاحتلال الإسرائيلي حين كانت القضية الأولى فلسطين.
كان القنطار ممسكا باليقين.. وسكن اليقين قلبه منذ عبر إلى فلسطين.. عَبَر حدود الطوائف وأسوار المذاهب وسكن وجدان الجميع وكسب احترامهم.. ولكنه اليوم رحل وفي أيامه الأخيرة كان “رمحاً” في قلب “الثورة السورية”.. تعلمنا منه أن لنا عدوا واحدا “اسرائيل” لكنه مؤخرا قاتل إلى صف “مَن” يعملون من أجل بقاء هذا العدو.. حتى جاءته الطعنة من “عدو” الثورة و”صديق” اسرائيل  فقضى نحبه.. وإن كان الرحيل “غدرا” فالتاريخ لا يرحم ولا يتعاطف مع الواقفين في صف “العدو المحتل” تماما كما الواقفين في صف “الطغاة”.