كتاب سبر

قاطعوا.. يرحمكم الله

ما إن أعلن عن شغر مقعد من مقاعد مجلس “مصو” (مجلس الصوت الواحد) حتى أعلن البعض عن رغبته خوض غمار الانتخابات التكميلية، رغم إن بعضهم كانت له مواقف وكتابات هزلية تسخر من مواقف المجلس ونوابه، ومنهم من قال لو كنت عضو في هذا المجلس لما ترددت في تقديم استقالتي ولا أرضى أن أمثل دور المهرج فيه!
ومن جانب آخر يدعو بعض المقاطعين السابقين للانتخابات، المشاركة ودعم مرشح للفوز بهذا المقعد على أمل أن تتوقف المهازل التي تحدث في هذا المجلس ويتوقف إقرار القوانين التي تصدر عنه وتضر بالمواطن والشعب.
ورغم احترامي لأصحاب الموقف الثاني ولرأيهم إلا أنني اختلف معهم فيما يطرحونه من أسباب تدعو للمشاركة، فلا هذا المجلس ولا المجلس القادم إن جاء بانتخابات مرسوم (الضرورة) الصوت الواحد يستحق المشاركة به، فلا أحد قادر على استعادة الحقوق المسلوبة أو التي تنوي السلطة سلبها من المواطنين، حتى وإن نجح المجلس كله بمعارضين لسياسة وتوجه الحكومة.
أما سبب معارضتنا لرأي الداعين للمشاركة بالانتخابات فسنبينها لكم على شكل أمثال وأسئلة:
في انتخابات (مايو) من العام 2008 وتحديدا بالدائرة الثالثة التي ستتم فيها الانتخابات التكميلية القادمة، أسفرت نتائج الانتخابات عن سقوط كل من:
– عضو المجلس البلدي السابق ناجي العبدالهادي 5047 صوت
– الدكتورة أسيل العوضي 5173 صوت
– الدكتورة رولا دشتي 4464 صوت
وبعد تسعة أشهر فقط تم حل المجلس لتقديم عدد من الاستجوابات لرئيس الوزراء السابق وتمت الدعوة للانتخابات وجرت الانتخابات في (مارس) 2009، وجاءت نتيجة الانتخابات لكل من فشل بتحقيق النجاج عام 2008على النحو التالي:
– عضو المجلس البلدي السابق ناجي العبدالهادي 8329 صوت أي بزيادة 3282 صوت.
– الدكتورة أسيل العوضي 11860 صوت أي بزيادة 6687 صوت أي ضعف أصواتها في العام 2008 وزيادة!
– الدكتورة رولا دشتي 7666 صوت أي بزيادة 3202 صوت.
في تسعة أشهر تغيرت النتائج ليحقق من فشل بانتخابات العام 2008 ضعف أصواته أو قريب من ضعفَيّ ليتمكن من النجاح!
في تسعة أِشهر تمكن الثلاث من إقناع ضعف العدد الذي أقنعوا فيه ناخبيهم طوال فترة نشاطهم السياسي وعمل بعضهم في عضوية المجلس البلدي.
ولاحظوا التوافق بعدد الأصوات التي حققها كل من ناجي العبدالهادي ورولا دشتي 3200 صوت وهي ما تعني أن البلوك الذي تمتلكه السلطة في هذه الدائرة هو هذا الرقم.
وبعد ذلك مطلوب منا أن نصدق إن السلطة لم تتدخل بالانتخابات، على الأقل في تحريكها لبلوكاتها الانتخابية على غرار بلوكاتها التويترية!
ومثال آخر على ذلك في انتخابات العام 2012 حصل المرشح المثير للجدل محمد الجويهل على عدد أصوات 8331 صوت ونجح بالانتخابات، وبعد ستة أشهر وبعد قرار الأغلبية البرلمانية آنذاك مقاطعة الانتخابات وخلو الساحة من المنافسين للسلطة، فلم تكن هناك حاجة للتدخل بالانتخابات، فحصل هذا المرشح على عدد أصوات بالكاد تجاوز الـ130 صوت بأربع أصوات فقط!
ومثال أيضا..
بتاريخ 18/6/2012 خرج رئيس الوزراء للإعلام بعد اجتماعه مع رئيس مجلس الأمة السيد أحمد السعدون وصرح مبشّرا الشعب أن “الأمور زينة”، وبعدها بيوم وتحديدا بتاريخ 19/6 تم تعليق جلسات المجلس حسب المادة 106 من الدستور، وبعدها بيوم واحد أيضا تم إبطال المجلس.. فيا محاسن الصدف!
فكيف كانت “الأمور زينة” ثم تعلق جلسات المجلس شهر؟!
فمن هي “زينة” الذي قصدها رئيس الوزراء؟
وبعد أن استعرضنا بعض الأمثلة على تدخل السلطة في تغيير أي نتيجة كانت وفرضها على أرض الواقع طالما لم تجد شعب يردعها فما فائدة ما يسمى اليوم بانتخابات ستعطي السلطة شرعية إقرار وتنفيذ قوانين ستثقل كاهل المواطن وتمنح التاجر سلطة ومال لا يستحقهما؟!
وسؤال آخر..
ماذا لو فشلت السلطة مستقبلا في توجيه بلوكات أصواتها لبعض مرشحيها وتثقف الشعب وقاوم نهج السلطة انتخابيا وتمكن من إنجاح مرشحيه، وبعدها قررت السلطة حل المجلس وإقرار مرسوم جديد لتتمكن من تغيير تركيبة المجلس حسب هواها، خصوصا إنها سجلت سابقة ارتضاها الشعب وشارك بالانتخابات التي تلتها؟!
وسؤال أيضا..
إلى متى المفترض أن تسلب الحقوق ويصمت الشعب ويشارك تحت ذريعة أفضل السيئين أو وقف التجاوزات والشعب نفسه يعلم إن السلطة لن تترك المغضوب عليهم يصلون ليكشفوا فسادها فيحاسبوها؟!
وسؤال..
إلى متى نرتضي بما تمن علينا به السلطة ونرتضي بما تفرضه من قشور للديموقراطية فنشارك فرحين بهذه القشور ومن ثم تتفاخر هي أمام العالم بالقشور وتمسيها ديموقراطية، ولا كأن هناك دستوره ارتضاه الآباء والأجداد ومات في سبيل وجوده وكتابته منهم من مات؟
وأخيرا سؤال..
هل المقصود من المشاركة إعطاء الشرعية لقرارات الحكومة التي ستسقط وسيسقط معها كل ما تم إقراره من قوانين جائرة ضد المواطن وقوانين تنفيع “ملاك” غرفة التجارة لاحقا، أم الهدف هو “نبي ناكل معاكم” قبل لا “تخلص” الكيكة؟!
إن خطر المشاركة ليس فقط بإعطاء الشرعية لمراسيم الضرورة وتحويلها من سابقة لعرف، بل الخطورة هو إضفاء شرعية على كل القوانين التي صدرت عن هذا المجلس “الغير معترف به شعبيا” والتي أضرت وستضر بالمواطن والشعب، وتمكن سراق المال العام الهروب من المحاسبة وضياع أموال الشعب وما نحن مؤتمنون عليه من أموال الأجيال القادمة.
إن خطر المشاركة بهذه الانتخابات تعيد الحياة لمجلسهم هذا ولجميع أفعالهم، وكل من سخر يوما من هذا المجلس وأفعال أعضاءه وتصريحاتهم وقرر المشاركة سواء بالترشح أو الانتخاب أصبح واحدا منهم ومشارك معهم في فسادهم كونه شرّع أفعالهم بمشاركته القادمة للانتخابات سواء التكميلية أو التي تليها إن لم يعدل القانون الانتخابي وتعود للأمة حقوقها وما ارتضته من قانون انتخابي اختارته عبر نوابها.
وتذكروا إن لكم أخوة وأصدقاء في السجون ضحوا بحرياتهم في السجون بسبب وقفاتهم دفاعا عنكم وعن حقوقكم وحرياتكم.
وتذكروا أن لكم أخوة وأخوات وأصدقاء هجّروا دفاعا عنكم وعن حقوقكم وحرياتكم..
وتذكروا أن لكم أخوة وأخوات وأهل وأصدقاء سحبت جناسيهم وأعدموا أحياء بسبب دفاعهم عنكم وعن حقوقكم وحرياتكم..
وتذكروا أن 626 مواطنا ومواطنة إما ملاحقون أو لازالوا يحاكمون دفاعا عنكم وعن حقوقكم وحرياتكم..
لأجل كل تلك الأسباب..
ولأجل من سجن وهجّر ويلاحق ويحاكم أو سحبت جنسيته..
استمروا بمقاطعتكم يرحمكم الله..
بقلم.. جنوب السرة??