كتاب سبر

مجرد هزة بسيطة

“ستظل الكويت آمنة في ظل شعبها رغم الاختلافات طالما الشعب متمسك بوطنيته وإن فئة من المتهمين كانوا يريدون الإضرار بالوطن وهم جاحدون ولا يشرفون تمثيل الوطن..”
كانت هذه كلمة المستشار محمد راشد الدعيج قبل النطق بإدانة خلية العبدلي الإرهابية بالخيانة العظمى.
وأقول نعم..ستظل الكويت آمنة مطمئنة رغم الاختلافات،مالم يُتاجر بالوطنية
ويدعيها المدعون،فالوطنية ثوب فضفاض لايشف ماتحته.
فمن تحتها يسرق الوطن،ومن تحتها يفرق أبناء الوطن،ومن تحتها يوالى وطنٌ غير الوطن،ومن تحتها يتعاطف البعض ويدافع عمن خان الوطن!!
هذا الثوب هو ملاذٌ لكل شئ،وملاذٌ لمن يريد أن يفعل أي شئ.ولذا قال صمويل جونسون الكاتب والناقد والشاعر البريطاني:”الوطنية هي الملاذ الأخير لكل نذل”.
ومَن أشد نذالةً من الخائن؟! إن كل نذالة هي دون نذالة الخائن،لأن نذالة غيره من المفسدين تكون”ببيع”بعض المصالح لأجل أنفسهم من الوطن،أما الخائن فيبيع الوطن كله لأجل أعداء الوطن.
ومن العجب أن يتنصب للخائن من يدافع عن خيانته،ويطعن في حكم إدانته،ويستميت من قبل ذلك لتمييع هذه الخيانة العظمى،وتحويلها إلى قضية عادية بحيازة أسلحة!!
لما حدث التفجير الجبان لمسجد الإمام الصادق تسخرت وسائل الإعلام بجميعها لجمع الكلمة ودفن الفتنة،وتكلم الدعاة و السياسيون من السنة والشيعة،بما أرضى الجميع واستطاعت الدولة أن تجوز هذه المحنة،وتحفظ اللحمة.لكن الأحداث تأبى إلا أن تفضح “وطنية”المدعي،وذلك حين صار الذي بارك جهود رجال الداخلية والنيابة،ورضي عن كلام الدعاة وبارك أحكام القضاء في مرتكبي التفجير،صار اليوم يتهم رجال النيابة والداخلية،ويصف من كان يمتدحهم بالأمس من الدعاة،بأنهم يخوِّنون الطائفة لأنهم أنكروا اليوم،ماكانوا قد أنكروه بالأمس
ثم تواتيه الجرأة ليرد أحكام القضاء ويتكلم في القضاة،ويعبر عن رده الأحكام بمقاطعة الجلسة،بل ويعتبر هذه المقاطعة،”مجرد هزة بسيطة”،ورسالة إنذار للتصعيد بأكثر من ذلك،بطائفية بغيضة غير مسبوقة،ظلت طويلاً تتخفى بدثار الوطنية التي لم تكن لتفضح،وماكان لباطن هؤلاء أن يخرج صريحاً،وماكان لسقف مطالبات هؤلاء”الوطنيين”أن يسقط على رؤوسهم’وماكان لأهل النوايا الحسنة أن يطلعوا عياناً على كيفية ممارسة الولاء الخارجي لدولة عدوة،وبكل وقاحة،من ممثلي أمة،لولا خلية العبدلي.
إنني لأتساءل كثيراً عن هذا الصمت المطبق حيال أفعال وتصريحات هؤلاء”الوطنيين”،من قِبَل شيعة الكويت ممن نعرف ولاءهم للكويت؟!
أليس ذلك تشويهاً لوطنيتهم وانتمائهم،أن يتكلم هؤلاء باسمهم،ويهددون بالتصعيد باسمهم،وأن الهزة القادمة ستكون هزة حقيقية باسمهم؟!
إني ليحزنني ألا أسمع إلا بعض كتابات أو تغريدات،تضيع في خضم هذه التصريحات،من شيعة وطنيين حقيقيين يأبون أن يتكلم هؤلاء باسم الشيعة
أمثال الكاتب الفاضل خليل حيدر،والدكتور الغيور علي النقي؟!
فأين باقي رجالات الشيعة من تشويه هؤلاء لوطنيتهم وانتمائهم؟!
إن هذا الابتزاز الرخيص ممن يدعي الوطنية،باستغلال الظرف الذي تمر به البلاد،بمقاطعة الجلسات،والتهديد بالاستقالات الجماعية،للدفاع عن خونة جاحدين،ويرفع صوته عالياً عالماً عامداًباستخدام وسائله السياسية والقانونية لتحويل قضية خيانة عظمى تتمثل في”السعي لدى دولة أجنبية،والتخابر مع حزب يتبعها،وجلب متفجرات وذخائر،لإتيان أفعال من شأنها المساس بوحدة وسلامة أراضي دولة الكويت”،إلى قضية عادية بحيازة أسلحة ثبت كذبها يقيناً،أقول إن هذا الابتزاز الرخيص في هذا الظرف الحرج،لايُعد مما يغتفر أو مما يمكن تأويله،أو مما يصح الرجوع فيه من الأخطاء،لأنه خطأ فادح فاضح،أفصح عن خطورة نوايا مرتكبه.
بقلم.. حمد السنان