كتاب سبر

“الناس في الناس وهيلة في الغنم”..!!

نشر الصحفي المتميز في جريدة الراي وليد الهولان مقارنة بين الرواتب في القطاعات الحكومية المختلفة وكانت حصة الأسد كما هو واضح من الجداول المنشورة للقطاع النفطي وموظفيه الذين لا يتجاوز عددهم 20 ألف موظف ومع ذلك يستهلكون ما يقارب ملياري دينار من الميزانية العامة للدولة، وأتوقع  أن تلك الأموال لا تذهب للمهندسين والفنيين بل للقيادات العليا التي وصلت قيمة مكافآت نهاية خدمة بعضهم مايقارب مليون دينار.
رئيس سابق في شركة نفط الكويت قدم شكوى رسمية للجنة العرائض والشكاوى البرلمانية يتظلم فيها من قيمة مكافأة نهاية الخدمة التي منحت له لكونها لاتتجاوز سبعمائة الف دينار، في حين أخذت رئيسة سابقة مليون وثلاثمائة ألف، وحصل رئيس  سابق آخر على تسعمائة ألف دينار، في حين عمل أولئك الرؤساء لايتعدي حضور مؤتمرات شاي الضحي والغبقات الرمضانية، والمخيمات الربيعية.
من الواضح أن لارقابة على القطاع النفطي من حيث صرف الإمتيازات وأن بعض مسؤولي تلك القطاعات “دولة داخل دولة”، وكلما أتى وزير نفط يريد إصلاح الحال وآخرهم وزير النفط السابق د. علي العمير حرك أولئك المسؤولين تحالفاتهم خارج القطاع وأغلبهم ملاك شركات ومتنفذين للإبقاء على تلك الامتيازات مقابل إبقاء “حنفية الصرف” على مايسمى المقاول، وفي كل مرة ينجح مسعاهم.
هناك شركاء لحالة الإنفلات في الباب الأول لكنها هذه المرة في رواتب أساتذة الجامعة التي تجاوزت كل منطق، فقد بلغت الرواتب في الجامعة رغم أن النتائج متواضعة مبالغ خيالية تصل في بعض الأحيان إلى مايقارب خمسة آلاف دينار غير الإمتيازات الأخرى من سكن ومصروفات، وهناك القضاء أيضا ورواتب مكوناته العالية التي تجعل المرء يتحسر أنه لم يتجه إلى دراسة القانون.
هناك هيئة مكافحة الفساد ولا أعرف لماذا أعيد إقرار مثل تلك الهيئة بعد إلغاء مرسومها مع أنها تستهلك ماديا مايمكن أن نوفره من محاربة “التسرب” المالي، ثم هيئة النقل التي يقال أن موظفيها يستهلكون من الباب الأول أكثر مما يستهلكه القطاع النفطي إذا ما أخضعناها إلى النسبة والتناسب، وأنظر إلى بقية مؤسسات الدولة ” الجديدة ” كلها عبارة عن  إمتيازات وأموال تصرف أغلب الظن أنها نتاج للاسترضاء السياسي.
الحكومة في هذه الأجواء ينطبق عليها المثل المحلي ” الناس في الناس وهيلة في الغنم ” فهي فقدت قدرتها على فعل شيء، وأكتفت كما يبدو على تسيير الأمور حتى نهاية الفصل التشريعي لمجلس الأمة الحالي، ربما يكون هناك فرصة في البرلمان المقبل لإعادة صياغة كل شئ من جديد، رغم أن الحل في أدراجها ولايحتاج إلا لقرار جاد.
الحل ياحكومة في ” خصخصة ” شركات القطاع النفطي والإسراع بتحويلها إلى شركات مساهمة يتملك فيها المواطن حسب قانون الخصخصة ويترك الباقي لشركات مستثمرة قادرة على الإدارة والتطوير، وتحويل قطاعات الخدمات (الكهرباء، الماء، الهاتف، البريد)  إلى شركات حكومية لإدراجها في قائمة “الخصخصة”، ويمكن أن تبقي الحكومة على قطاعات الأمن والتعليم والصحة.