كتاب سبر

حقيقة السياسة العربية

 @bin_rshash

عندما تعلم الإنسان وأنشأ ما يسمى بالدولة كان ذلك نتيجة تطلعه لحقيقة الاستقرار والتنظيم وهو ما يسمى في زماننا هذا بالسياسة، أي بمعنى أن دولة بلا سياسة لا تسمى دولة، والسياسة لوحدها تصنع وتنشأ الدول المُعتبرة.

وإن أردنا أن نعرّف السياسة بأوجز العبارات نقول هي رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وهي أيضاً أداة أو مبدأ لتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم من جهة، والحاكم ونظرائه من جهة أخرى. من ذلك نعرف أن السياسة مبدأ لتنظيم الحالة للحسن وللأحسن لا العكس؛ بمعنى أن إستخدامها بأي شكل يسيء للمواطن أو الوطن يمسخ معناها السامي والمراد ويجعلها أداة تخريب واستغلال سلبي، وهذا ما أفقدها معناها الحقيقي.

وأبشع أنواع إستغلال السياسة أن يجعلها الحاكم تبريراً لاطماعه ومصالحه الشخصية، في الأمس كانت إسرائيل عدو مغتصب لا قيمة له ثم أصبح في السبعينيات عند البعض خصم له قيمة بل بعضهم اعتبره طرف في اتفاقية ومعاهدة سميت بالسلام وهي في الحقيقة استغفال وتحايل بشكل حتى الشمس عجزت عن حجبها، بالأمس حزب الله مناضل وصديق مقربة! واليوم عدو لئيم وخطر! ثم أصبح الحوثيون عدو للخليج ثم بتصريح واحد أصبح أخ غير شقيق !؟ ثم ترى إيران الحليف والجار! بعدها عدو كما قالت اميركا! و و و الخ، ثم نرى مؤتمرات الحضارة والتمسك بالهُوية بشعارات تنافي سياسة الدولة المُعلنة ويعتذرعن ذلك بأسم السياسة والدها ! ثم ترى شعارات القومية العربية وهم في الحقيقة لايقدّرون حتى حروفها الهجائية! لأنهم يرون ذلك من السياسة الحضارية.

أيها السادة إسرائيل، إيران، الحوثي، حزب الله، وكل الأمثلة المشابهة؛ لم يتغيروا بل هم مستمرون على أدبياتهم وتطلعاتهم نحن فقط من نتغير مُرغمين وكأننا لا نستحق السيادة ولا اتخاذ القرار من تلقائنا! ارتضينا أن نلعب دور المأمور وللأسف وياما أبدعنا في ذلك، وبمجرد انتهاء صلاحية المندوب فوراً يزاح من على كرسي الحكم كما حدث في السنوات الأخيرة، لن أُصدق أن في هذا القرن شعب أزاح الرئيس بل أُذن للشعب أن يبدي رغبته بتغيير الرئيس ليس لأنه فاسد وظالم بل لأن دوره في المشهد العام انتهى [سيناريو القوى العظمى] هذا واقعنا، ولم ولن يتغير ذلك حتى لو حفظ الشعب كله الدستور وتغنى بمادة أننا دول عربية مستقلة. للأسف جميع حكومات العرب تُحسن السياسة الخارجية ولكن بطريقة التملق والاتيكيت والاحترام المصطنعة، ومع شعوبها تنتهج الظلم والقهر والتضييق بإسم السياسة التي هي في الحقيقة ليست طرق المراوغة والكذب، بل هي طريقة واقعية للتحسين والإصلاح.

هذه نظرة خاطفة على جانب من جوانب معنى السياسة التي تجرعتها الشعوب العربية منذ ما يسمى بعهود الإستقلال، حيث كانت السياسة هي فقط ما تمليه القوى العظمى على من اعترفت بهم كخلفاء لمستعمراتها.

مابعد النقطة: حكوماتنا فقيهة لدرجة أنها تستخدم اليمنى فقط لمصافحة الخارج واليسرى لإزالة العدل في الداخل.