كتاب سبر

فقدان الحوار يدل على فقدان الديموقراطية

في البلدان المتقدمة واعني بالمتقدمة ، علمياً وصناعياً وتكنلوجياً وسياسياً ، تجد الشائع فيها الحوار،  فمنه يكون تبادل الافكار ، من خلال الإتفاق ، أو الإختلاف ، وبه تتباين جهات النظر، والتي ينتج عنها ، تقدم في مجريات الحياة ، الداخلية والخارجية ، وعلى مستويات وأصعدة مختلفة، ونخص منها الجانب السياسي المتمثل بالديموقرطية ، انتخاباً وترشيحاً.
فلايمكن لأي مجتمع بأن يتقدم أو يتطور ، دون أن يقبل من الآخرين ، وجهات نظرهم أو أن يتحاور معهم، لأن هذا يعتبر من مصادرة الآراء سماعاً كان أو قولاً ، ولابد أن يكون هذا الحوار هادفاً وبناءً.

ولكم أن تنظروا كيف هي الديموقراطية في تلك الدول ، من اختلافات واضحة في الطرح والنهج والفكر والبرنامج فيما بينهم .
ولكم أيضاً أن تشاهدوا الآن ما يدور في ساحة الولايات المتحدة الامريكية من حوارات وحملات انتخابية ، ليس على مستوى الولاية أو المحافظة أو البلدة هناك ، بل على مستوى الرئاسي لأعظم بلد في العالم.
الكل منا يتابع ، ما يدور بين المرشح الجمهوري ترامب ، والمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون ، من تصريحات وانتقادات وحوارات ولقاءات لاذعة وجارحة ، حيث وصفت منافسها ترامب ، بالأسوأ على الديموقراطية حين وصوله ، كما نقلت ذلك وكالات وصحف العالم لكن هذه التصريحات تنتهي مع انتهاء الحملة الإنتخابية ،
وقد يقوم الفائز بضم المهزوم إلى حكومته في فترة توليه الرئاسة، أقول متى نصل نحن إلى هذا الفكر والتطور والتقدم في حواراتنا في حال اختلافنا ، لكننا نرى بحث وتحري واستعلام وتصيّد للعثرات والأخطاء.
أين هي الديموقراطيه إذن ؟؟ أين اذن هو قبول المخالف ؟؟ أين الإستفادة مما طُرح من وجهات نظر ؟ 
أليس الإختلاف في تباين الأفكار ووجهات النظر والرؤى يُعد ظاهرة صحية ؟!
أليس ديننا الحنيف يكفل لنا الشورى ؟؟
أليس النصح والتوجيه والإرشاد من ديننا القويم ؟؟
أليس الأفضل والأجدر من بيننا هو الذي يُقدَّم للأمة ؟؟
أليس الأمين على مصالح البلد وحقوق الشعب ومكتسباته هو من يؤتمن ؟؟
أم هو ذلك الراشي والبصام من يقدم الأمة ، ليكون ضد حقوق الشعب ومصالحه ؟؟
أم صودر هذا من خلال الإفتراء على الشريعة والشورى والحرية والحوار من خلال تحريف النص النبوي الشريف ( اسمع واطع ) . ولو كان حتى في الباطل والمنكر والغير مألوف ؟!،
أم يكون ذلك في المعروف والبر والإحسان والخير ، والأمانة في تمثيل الأمة ؟
هنا يتضح لنا كيف نحن من يحارب الحوار والفكر والثقافة ، من خلال قصور في الفهم والوعي والإدراك .

لكم أن تنظروا الآن ، يخرج علينا المرشح الرئاسي ترامب ، ليقول في وسائل الاعلام عن الرئيس الحالي باراك اوباما أنه أفشل رئيس في تاريخ امريكا !!! لو قيل عندنا مثل هذا عن وزير أو لشخص ما ( . . . ) . لغمغم في خيشة ، ولأُخذ من بيته ولا يُعلم متى يعود !!
بالمعنى المعروف : الداخل مفقود والخارج مولود . أيّ ديموقراطية نعيشها نحن ؟!!
ومع هذا لم يتقدم الرئيس أوباما ، برفع القضايا والدعاوى ، ضد المرشح ترامب ؟؟!!
وتذكر لنا جريدة ( سبر ) الإلكترونية
ايضاً ، بأن الرئيس باراك اوباما يبحث عن وظيفة قبل انتهاء مدة رئاسته ؟؟!!!!
أي ديموقراطية هذه ؟؟ وأي شفافية ؟؟
نحن نعاني قبل أن نفتقد الى الديموقرطية الحقيقية ، نحن بحاجة الى الحوار ، والشفافية والمصداقية ، ونفتقد كذلك احترام الإنسان وكرامته ومكانته السامية .
ومع هذا الإختلاف على رئاسة امريكا والتنافس بين زعمائها إلاّ اننا نراهم يتصافحون فيما بينهم ، ويبتسمون لبعضهم ، بل ويصفق المهزوم للفائز منهم ؟؟!! ثم ينتهي كل شيئ كان بينهم ، ليقوم الفائز بمباشرة عمله ومهامه .
ونحن في انتخابات مجلس الامة أو المجلس البلدي أو مجلس إدارة جمعية تعاونية أو حتى انتخاب الاندية الرياضية أو على اتحاد الكرة ؟؟!!!
يختلف الجميع فيما بينهم ويتقاطعون ويتدابرون ، ويحصل ما يحصل من المشاحنات والمنازعات والخصومات والتطاول والقطيعة ، ثم نقول لدينا ديموقراطية ؟؟!!
ألا تروْن بأنا في أمس الحاجة لمعرفة ، ما تعنيه الديموقراطية ؟؟!!!
نعم انه الجهل المطبق ، والتخلف المستشري والمستفحل ؟؟!!
متى ندرك بأن الشورى أو الديموقرطية تعني قبول الاطراف الاخري ، وقبول سماع وجهات النظر ، مع الادب في الطرح وعرض البرنامج ؟!!
دعونا نتعلم أولاً ثم نتعلم ثانية ثم نتعلم ثالثةً ، ثم بعدها نفكر بتمعن هل نخوض الإنتخابات أم لا !!!

سؤال : هل سأل الناخب مرشحه ماهو برنامجك الإنتخابي ؟؟ ليقوم بمتابعة ما قد تم عرضه على الناخبين اثناء حملته الإنتخابية ؟؟!
أم أنه يجب بأن يكون من العائلة أوالقبيلة .
أو من حزب سياسي لايقبل بالاطراف الاخرى ، أو ديني يُقصي الآخرين ويصنّفهم ، وكلاهما متقوقعان على افراد حزبيهما فقط ؟؟
أم أن التصويت للمرشح يتم من خلال وعن طريق ، الوعود بالعطايا أو بأن هذا قريب مني !! وذاك بعيد عني وغيرها من دواع التصويت .
وصدق من قال :
” يا أمة قد ضحكت من جهلها الأمم “
ماذا نرجوا من مخرجات ، لاتُفعل الرقابة على الأداء الحكومي ، ولا تُشرع بما يعود للأمة وللاجيال القادمة بالصالح العام ؟!
ولا تستخدم أدواتها الدستورية لمساءلة من يفشل في أداء مهامه ؟؟!!
ماذا نتوقع من ديموقراطية يعود إلى تمثيلها الراشي لسنوات طويله !! ويُعاد كذلك من تضخمت حساباتهم وارصدتهم !!
ويعود من لايملك لنفسه قراراً !! ولا حتى كلمة واحدة !! بل يُحرك بإشارة الإصبع ، أو من خلال نظرة العين !!
حتى في الشورى أو الديموقراطية بيننا لا نحسنها ولا نتقنها ، بل نريدها كما يريدونها لنا ، وكما يرسمونها لنا ، بكل صراحة وللاسف صوّت على ما نريده وعارض على ما لا نريده ، هذه هي ديموقراطيتنا المأسوف عليها .
ختاماً :
تُعوّل الأمم على جيل الشباب ، ليُزيل رواسب وشوائب من دمروا العمل الديموقراطي ، بأنه لامكانة لمن لا برنامج له ، ولا لقاءات حوارية وتشاورية ، فيما قام بإنجازه ، مما تعهد القيام به في برنامجه الإنتخابي .
حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه
وإلى الأمام يا أجمل بلد ، فالكبوة يعقبها دائماً قوة في الإنطلاقة إلى العمار .