حوارات

د.سعد العجمي.. قصة “إعاقة” وطموح ونجاح و”تجاهل” حكومي..!

لأن الطموح هو الطاقة الروحية في حياة الإنسان، والخطة العقلية التي تنظم حياته، وتدفعه نحو المستقبل، فلا قيمة لوجود الإنسان إن لم يكن طموحاً، حتى وإن كان صاحب الطموح ذو إعاقة جسدية، فثمة أشخاص صعدوا سلم المجد رغم الإعاقة ، وعلى مدى سنوات طويلة وأمثلة عديدة تثبت لنا الحياة بتوفيق الله أن عزيمة الإنسان وإصراره هما أسلحته لتحقيق طموحاته ومواجهة كل صعب أقرب إلى المستحيل.

الدكتور سعد محمد العجمي شاب كويتي مثال على حالة ابتليت بإعاقة جسدية هزمها وحقق النجاح في حياته العلمية، رغم صعاب كثيرة كانت ومازالت مستمرة.

لـ سعد العجمي قصة مع الإعاقة والصبر والطموح والنجاح وخيبات الأمل من بعض المسؤولين في الكويت نتعرف عليها من خلال هذا الحوار:

 

 

– حدثنا عن الحادث الذي تعرضت له؟

في شهر مايو من العام 2000  تخرجت من أكاديمية الشرطة برتبة ملازم وكنت من المتفوقين وحزت الترتيب الـ 15 ثم عملت لمدة سنة ونصف في معهد الشرطة للتدريب، وبعد ذلك تم قبولي في جامعة الكويت لحصولي على ترتيب متقدم وتابعت دراستي  حتى وصلت إلى الفرقة الثالثة، وفي عام 2003 تعرضت لحادث مروري في سيارة ما  أدى إلى إعاقتي إعاقة شديدة ودائمة وأوقفت قيدي لمدة سنة ولم يكن متاحا لي وقف قيدي أكثر من ذلك، حتى مضت 5 سنوات وتم فصلي بشكل نهائي، وكنت خلال هذه الفترة أتلقى العلاج خارج البلاد ما بين التشيك وألمانيا وأمريكا ودبي.

 وفي عام 2010 سافرت إلى لندن للعلاج، وسألني الدكتور في المستشفى لماذا أنتم في لندن فقلت له أتيت من أجل العلاج لكي أتشافى وأعود كما كنت سابقا، فقال لي بأن الذين بمثل حالتي يفترض أن يكونوا حتى الآن على السرير فقلت له الشفاء من الله وكنت قبلها قد ذهبت إلى تايلند وأبلغني الدكتور في المستشفى بأنني خلال 5 سنوات سوف أستطيع المشي.

 

بعدها عدت إلى الكويت وتزوجت، وكنت على يقين وثقة بالله بأنني سوف أتعافى ذهبت إلى العلاج في بريطانيا ولكن إرادة الله كانت النافذة فعدت بعد ذلك وشرحت لزوجتي كل ما حصل، والحمدلله أكملنا حياتنا ورزقنا الله بأطفال.

 

– وماذا عن دراستك..؟ 

الحياة سوف تستمر من أجل ذلك قررت متابعة دراستي وفي عام 2010 ذهبت إلى كلية الحقوق في جامعة الكويت وتم رفض طلبي لحصولي على الفصل النهائي أثناء فترة علاجي بالخارج، وفي عام 2011  شعرت بأن جميع الأبواب مغلقة أمامي عندها قررت قبول التحدي وأكملت دراستي في كلية ليدز فرع القاهرة عام 2012 وتمت معادلة شهادتي الى بكالريوس مهني موارد بشرية ثم قدمت رسالة الماجستير عام  2014 وفي عام 2016 حصلت على الدكتوراه بدرجة امتياز ومنحوني عضوية شرف بأن أكون ضمن أعضاء هيئة التدريس تقديرا لجهودي المبذولة، وعلمت حينها من الجامعة بأنني أول معاق كويتي يحصل على الدكتوراه من كلية ليدز البريطانية.

– هل واجهت صعوبات أثناء الدراسة من ناحية الإعاقة؟

صعوبات كثيرة بدأت قبل وأثناء السفر وصلت حد التفكير بالتوقف عن الدراسة ولكن بفضل الله صبرت وأكملت الدراسة.

 

ـ بعد حصولك على الدكتوراه وعودتك ماهي الخطوة القادمة ؟

أتمنى أن تستفيد الحكومة والهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة من خبرتي والثقافة التي اكتسبتها أثناء الدراسة حيث أن رسالاتي الي قدمتها للحصول على الماجستير والدكتوراه كانت في تخصص ذوي الاحتياجات الخاصة، رسالة الدكتوراه بعنوان “الاتجاهات الحديثة في تطوير وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة”، والماجستير بعنوان “دور تدريب في تنمية قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة” وخاصة في مجال الصوت ووضوحه أثناء الحديث، ولدي طموح أن أقدم دورات لموظفي الدولة بشكل عام حول كيفية التعامل مع المعاقين.

خاصة وأن هناك قوانين كثيرة أصدرتها الدولة عن حقوق المعاقين التي يجهلها كثير ممن الموظفين.

 

الخدمة المدنية

 

– هل ترى أن هناك ظلما من عدم تعيينك  حتى الآن ؟

ما زالت بعض المسؤولين في الدولة الكويت يكابرون ويدعون بأن الكويت من الدولة المتطورة والحديثة رغم تجاهلهم لكثير من المتعلمين والمثقفين حيث لا يتم ذكرهم في أي مناسبة ويتم نسيانهم بينما يتم الاحتفاء بأشخاص آخرين في مجالات ليست ذات أهمية علمية وثقافية للدولة ، لكن بإذن الله ومن خلال سبر قد تتبدل الأمور حيث لدي أبحاث كثيرة، أرجو أن ترى النور.

– ماهي تطلعاتك وأهدافك في المستقبل؟

 

أطمح كما قلت سابقا إلى تقديم دورات لموظفي الدولة دون استثناء مع العلم أنني معاق وتصعب علي الحركة لكن إن أرادت الحكومة بإمكاني إفادة 60 ألف معاق كويتي، وللعلم فقد قدمت افكاري إلى أكثر من مسؤول لكن كل الأبواب أغلقت في وجهي ، حتى أن أحدهم حاول مساعدتي فوجه كتابا يطلب الاستعانة بي للاستشارة والإدارة والدراسات والبحوث، مع العلم بأني ضابط متقاعد طبياً، لكن الديوان رفض بسبب أن خدمتي 8 سنوات مع العلم أن هناك نص قانوني بأن المتقاعد طبياً يعد كمن خدم 25 سنة تبعاً للوائح ديوان الخدمة المدنية. وفي بعض الدول المتقدمة يشترط في مدير أية إدارة مسؤولة عن المعاقين أن يكون معاقا حتى يشعر بمعاناتهم.

– هل من خطوات فعلية أقدمت عليها حديثا في تخصصك ؟

سوف تعقد دورة في فندق الهوليدي إن السالمية وسأكون الراعي لها فليس هناك من يدعمني، مع العلم أنني سأمنح المتدرب المشارك في الدورة وبصفتي عضو من أعضاء الهيئة التدريبية في المؤسسة البريطانية شهادة “مدرب معتمد” موقعة مني، كما سيصدر كتاب يتحدث عن معاناتي التي عشتها وكيف استعنت بالله ثم بإرادتي، صحيح أن راتبي لم يتوقف لكن طموحي كبير في النجاح بتغيير نظرة المجتمع إلينا.