تحقيقات

لندرة الأماكن السياحية وغلاء أسعارها..
لا سياحة عائلية في الكويت

لم تحظَ العائلات الكويتيّة التي لم تسنح لها الفرصة للسفر إلى الخارج بسبب ظروفها الاقتصادية والاجتماعية، ببديل في الكويت، في ظل قلة الأماكن السياحية، مع الإشارة إلى أن الحكومة تسيطر على نسبة كبيرة من القطاع السياحي.

تقول أسر كويتيّة إنها تعاني بهدف إيجاد مكان مخصص لقضاء العطلة في البلاد، بسبب قلتها وغلاء أسعارها. فرج الرشيدي هو أحد هؤلاء. بدا عاجزاً عن السفر وعائلته بسبب ظروفه والتزاماته المالية. أما السياحة الداخلية “فهي صعبة بسبب عدم توفر أماكن مناسبة ومريحة”.

يضيف الرشيدي أن “غالبيّة الشواطئ تحوّلت إلى أملاك خاصة. كما أن أسعار الفنادق والمنتجعات المفتوحة للعامة تعادل ضعف أو ضعفي أسعار فنادق نيويورك ولندن، وهذا أمر غير مقبول. في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، كانت العائلات تذهب إلى المدينة الترفيهية أو صالة التزلج وغيرها، لكنها أغلقت”.

يحمّل كويتيّون شركة المشاريع السياحيّة، وهي مؤسّسة تملكها الحكومة الكويتيّة، مسؤولية فشل السياحة الداخلية، علماً أن آخر مشروع لها كان منتجع الخيران المخصّص للعائلات الذي شيد في عام 1988، أي قبل عامين من الغزو العراقي. لاحقاً، بدأت مشاريع الشركة تغلق، وكان آخرها إغلاق المدينة الترفيهيّة قبل عام. يقول مسؤول إداري في الشركة، رفض الكشف عن اسمه، لـ “العربي الجديد”، إن “البيروقراطيّة التي تحكم المؤسسة ساهمت في عدم الاستفادة من أماكن كثيرة مهمة تسيطر عليها المؤسّسة، خصوصاً المطلة على البحر في العاصمة وجوارها”. يضيف أن “الكثير من الشواطئ التي تديرها الشركة باتت مهجورة ومرتعاً للكلاب الضالة. وتخشى العائلات من الاقتراب أو حتى السير بجانبها. ويرفض مسؤولو الشركة تخصيصها لأن ذلك سيضر بمصالحهم المباشرة”.

بدورها، تقول أم محمد العتيقي، وهي ربة بيت، لـ “العربي الجديد”، إنه خلال السنوات السابقة كانت العائلة تقصد منتزه الخيران (جنوب البلاد) للاستجمام، وكانت العائلات الكويتية تتجمع هناك حيث كانت تنظم فعاليات كثيرة. لكن الإهمال وغياب الرقابة وغيرها جعلت المكان مقصداً لـ “الشباب المستهتر”، على حد قولها، وصارت هذه المنتجعات بؤرة للفساد والمخدرات والحفلات الصاخبة، على الرغم من أنها مخصّصة للعائلات فقط. تضيف: “توقفنا عن زيارة هذه الأماكن بسبب كثرة المشاكل”. أما الحدائق العامة في المناطق السكنية فباتت مهجورة، وبالتالي لم تعد الأسر قادرة على الاستمتاع بالإجازات إلا في حال سافرت إلى خارج البلاد، وهو ما يرهق ميزانية رب الأسرة وقد يتسبب بإثقال كاهله بالديون.

يقول عبدالله حامد وهو طالب جامعي لـ “العربي الجديد”: “لم أزر مكاناً سياحياً في الكويت في حياتي. معظم الأماكن السياحية مغلقة الآن. وعلى الرغم من إعادة افتتاح أبراج الكويت، إلا أنها ليست مكاناً للراحة والاستجمام. أما الأماكن المخصّصة للتزلج على الجليد فهي مغلقة معظم أيام السنة، والشواطئ ليست نظيفة”. يضيف: “إذا حصلت على إجازة طويلة، أسافر”، لافتاً إلى أن الذهاب إلى المجمعات التجارية وتجربة المطاعم الجديدة قد يبدو مملاً.

وتعدّ الكويت دولة رائدة في قطاع المطاعم والمجمّعات التجارية. إلا أنّ عائلات كثيرة لا تفضّل الذهاب إليها بسبب كثرة التحرّش، فيما يخشى آخرون من حوادث القتل التي تكرّرت بين المراهقين. يقول المصري محمد ش.، المقيم في الكويت، لـ “العربي الجديد”: “ليس هناك أماكن سياحية هنا. وإن وُجدت، فإنها مكلفة جداً على المواطنين، فما بالك بالمقيمين الذين يتقاضون أجوراً متدنية. في بعض الأحيان، نقصد شاطئ الخليج، أو نتسوّق في المجمعات التجارية. في فصل الشتاء، يصبح الأمر أفضل إذ يمكن الجلوس في المقاهي الموجودة على الطرقات”.

ويحمّل باحثون الحكومة مسؤولية فشل العائلات في إيجاد منفذ سياحي لها، بسبب تباطؤها في إقرار القوانين المشجعة على بناء المزيد من الأماكن السياحية، وفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار فيه. يقول الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت، خليل خالد، لـ “العربي الجديد”، إن قلة الأماكن السياحية بالنسبة للعائلات لها آثار خطيرة على المجتمع، لافتاً إلى أن “الحد من نشاطات أفراد العائلة مع بعضهم بعضاً يساهم في تفككها، ويؤثر سلباً على المراهقين الذين قد يبحثون عن أماكن بديلة”. يضيف أنه في حال لم تجد العائلة متنفساً سياحياً، ولم يجد المراهق مكاناً نافعاً يقضي وقته فيها، سيسافر مع أصدقائه المراهقين الآخرين إلى دول أخرى، محذّراً من “احتمال انحرافه”.