آراؤهم

دعوتي مسؤوليتي

منذ بزوغ شمس الرسالة، والبشر مخاطبون بالدعوة المحمدية الخاتمة لشرائع الأنبياء والمرسلين، فجاء رسول الهدى ليتمم هذه المسيرة ويُكمل شرائع الإسلام فقال: [ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ] المائدة/3 .

فالله تبارك وتعالى أمر هارون وموسى بلين القول مع فرعون، وأمرنا بأن ندعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن لا نجادل أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، طبعاً باستثناء الذين ظلموا، فالدعوة إلى الله مسؤولية الجميع ويكفيها شرف أنها وظيفة الأنبياء والمرسلين وأن الدعوة إلى الله هي أحسن القول كما قال تعالى: [ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ] فصلت/33 .

لذلك اختصنا الله تبارك وتعالى بالخيرية من بين الأمم التي خرجت للناس، ما دُمنا مؤمنين ومتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله، وعالمين وعاملين في أوامر ونواهي الدين الإسلامي فقال: [ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ] آل عمران/110

ولا شك أن المسلمون في كل العصور تقع عليهم المسؤولية والمهمة في تبليغ الدعوة إلى جميع سكان الأرض حيث قال رسولنا الكريم: ( بلغوا عني ولو آية ) رواه البخاري. فالحديث بدأ بالتكليف وانتصف بالتشريف وانتهى بالتخفيف، لكن مع هذا التخفيف نرا وللأسف كسل المسلمون وعجزهم في تبليغ الدعوة إلى الله عز وجل.

فإذا كان سكان العالم يزيدون الآن عن ستة مليارات نسمة فإن هناك المليارات من البشر يولدون ويموتون دون أن يسمعوا شيئاً عن الإسلام، وهناك أيضاً وللأسف من تبلغهم صورة مشوهة عن الإسلام! مع أن الإسلام دعا وحفز الأفراد والجماعات المسلمة في المسارعة والمسابقة إلى الدعوة والمجاهدة في سبيل الله – قال تعالى: [ انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ] التوبة:41 ومن صور التحفيز ما جاء في الحديث: ( لأن يهدي الله بك رجلا واحداً خير لك من حمر النعم ).

لذلك فهموا الصحابة رضوان الله عليهم قيمة الرسالة، وحمل الأمانة في مسؤوليتهم تجاه الدعوة، فسطروا لنا أروع النماذج وأجمل الصور، فجاءت الفتوحات الإسلامية شمالاً وجنوباً، وشرقاً وغرباً، وفتح الله بهم الفرس، والروم، وشمال أفريقيا، والأندلس والهند.

من هذه النماذج هو الصحابي الجليل ربعي ابن عامر والذي أرسله سعد ابن أبي وقّاص رضي الله عنهما إلى رستم قائد الفرس فقال له: مالذي أتى بكم؟ فقال ربعي ابن عامر: إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

أخي أختي كونوا على قدر من الهمة والمسؤولية تجاه الدعوة، فالمؤمن القوي خَيْرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.

نسأل الله أن يستخدمنا ولا يستبدلنا في دعوته.

عيسى فيحان الهاجري