كتاب سبر

اغتُصبت “أمل” .. ولن نغسل الطبق

إن السرد التاريخي الذي نُشر في المقال السابق لم يُذكر فقط لاستذكار التاريخ بل لتبيان أمرين مهمين لواقعنا السياسي الحالي, أولهما مسيرة النضال والتضحيات التي قدمها أبناء الشعب على مر التاريخ لتحقيق ما يسمى بالبلد الديمقراطي التقدمي والآخر هو كفر السلطة تاريخياً بكل ما تحويه الديمقراطية من معاني وحقوق وواجبات, فمن ذلك نتفق بأن أي تغيير للواقع السياسي يحتاج زمن وتحرك جاد ليس فقط لمجرد ثلاث سنوات ومن ثم نفقد الأمل, أعني بذلك وأتمنى من القارئ تقبل وجهة نظري فلعلي أصيب فيها ولعلي أخطئ ولكن ما أقوله لمن يعارض رأيي؛ ليأتي لنا بأمور واقعية متماشية مع العقل والمنطق لا مع الكرسي و ” البشت” يبرر فيها ماذا بستطيع أن يعمل تحت طل هذه اليسلطة الرجعية، وعندما ذكرت فترة الثلاث سنوات أقصد بها من تنازل وتراجع عن موقفه الرافض للقرار الفردي الذي أتى عن طريق مرسوم الصوت الواحد, هو حق لك لكن ماذا ستبرر لمن استخدمت السلطة ضده سلاح الجنسية وفجرت معه بالخصومة ؟ ماذا ستبرر لمن ضرب واعتقل وكان يقف بجانبك في معظم التحركات؟

أرجوك لا تقول بأن المقاطعة كانت موقف ليست بمبدأ لان المواقف لا تتخذ إلا بناءً على المبادئ إلا إذا كنت تتخذ مواقفك على غير ذلك كحالة الطقس مثلاً، وأرجوك أيضاً لا تقل بأننا فشلنا في عملنا لذلك لنرضخ ونطأطئ رؤوسنا ونعطي هذا التصرف الصورة الشرعية، طيب ماذا إذا أتى مرسوم آخر في أي عام قادم ليصبح النظام الانتخابي بنص صوت لكل مواطن في 17 دائرة “مثال والمثال يضرب ولا يقاس” هل ستوافق أم ستعارض؟ من المفترض بمجرد مشاركتك في هذه العملية تعني موافقتك عليها إذا تكررت، وهل ما زلت تعتقد بأن الإصلاح يأتي في هذه المؤسسة في ظل كل تلك الممارسات الرجعية التي تمارسها السلطة؟ لم يأتي هذا المجلس من المجلس ولم يأتي الدستور من الإنفجار العظيم، ولم يكونوا هبه أو منه ولا هدية من كان من كان، تأسس المجلس ووضع الدستور بعد مسيرة نضال شعبي دامت لسنوات عديدة وليس لثلاث، من تضحيات قُدمت ودماء نُزفت وتحركات دامت لعقود من أجل نظام ديمقراطي ووطن آمن، ولا يختزل العمل السياسي الإصلاحي في مجلس الأمة بينما مجلس الأمة أداة من عدة أدوات وللأسف فقدناها فالعمل بها مجرد ضحك على الذقون والعقول، ولا نشكك بمن يسعى للإصلاح عن طريق المشاركة في المجلس لأنه يرى أمل في ذلك ونحن نرى بأن “أمل” اغتُصبت بكل وحشية من قبله.

حقيقةً لم أُصدم من تراجع البعض ولم أتضايق فبكل أمانة وصدق هذا ما كنت أحتاجه فالنضال لا يحتاج المترفين أصحاب المصالح والنفس القصير وعمر التغيير لم يأتي بقفازات من الحرير, لذلك كنا محتاجين عملية “تصفية الحراك” وها هم صفوا أنفسهم بأنفسهم, والمرحلة القادمة ستكون مرحلة النقلة النوعية في تاريخ الكويت السياسي عن طريق التفاف الشعب نحو الدستور وتمسكهم به, منطلقين من برنامج إصلاحي كامل متكامل يحل الأزمات التي نواجهها سنعمل به مع كل شخص وطني ثابت لا يتنازل, راجين من شعبنا الأبي التفكير بتمعن حول مصلحة وطننا لإنقاذه من زمرة الفساد وجشع التجار الذين يصورون الكويت بالكعكة وكلٌ يأكل منها من جهة وربما بهذه الطريقة تبقى لنا ” الكريما” وربما حتى الطبق يأخذونه معهم أو يتركونه لنا إن كانوا يريدون منا غسله, أنا لن أغسل أي طبق بل سأسعى لغسل الكويت من القاذورات والقمامة التي تسببوا بها في مرحلة لها خيار واحد اما أن ينتصر الشعب أو ينتصر الشعب ولا غير ذلك.