كتاب سبر

اللقاء الأخير بين أبو متعب وبشار.. وصفحات من حياة العائلة

بعد جريمة اغتيال الشهيد رقيق الحريري عين رستم غزالة بعد مرحلته الملكية في بيروت رئيسا لفرع الامن العسكري في ريف دمشق وانتزع الملف اللبناني منه لصالح للواء آصف شوكت صهر بشار خاطف بشرى!

وبعد أيام من اغتيال الحريري بعث بشارو نائبه فاروق الشرع للرياض.. التقاه “أبومتعب” (كان وليا للعهد) فقال غاضبا: الأفضل ان تذهب وتبعث لنا بصديقك!

بعد يومين قام بشار بزيارة للمملكة واستقبله “أبومتعب” قائلا: هل تعرف ما الفارق بينك وبين والدك الرئيس حافظ؟ أن والدك كان إذا وعد أوفى بوعده!

امتقع وجه بشار وسأل “أبومتعب” عما يعنيه! فأجابه رعاه ربه الذي فوقه: بعد محاولة اغتيال مروان حمادة اتصلت بك وطلبت المساعدة في حفظ أمن الحريري فأبلغتني أن أمن الحريري من أمنك الخاص! وأعطيتني وعدا صريحا بذلك وها هي النتيجة.. مقتل الحريري الذي نعتبره أحد إخواننا
هنا

قال بشار: إن التحقيقات جارية لمعرفة من قتل الحريري فأجابه “أبومتعب” : إذا كنت لا تعرف من قتله فالدنيا كلها تعرف!

أضاف “أبو متعب”: المطلوب منكم الآن سرعة الكشف عن قاتلي الحريري والانسحاب فورا من لبنان فأجابه بشار: سننسحب في غضون ثلاثة أشهر

قال “أبو متعب”: بل خلال عشرة أيام ثم وقف إيذانا بانتهاء المقابلة ولم يذهب لتوديع بشار في المطار.. فعاد بشار ليبصق بوجه بشرى.. لأنه لا يقدر على آصف!

كان اللواء آصف شوكت هو الشخصية الأمنية القوية التي كانت تحكم سوريا فعليا.. وهو صهر بشار بزواجه من بشرى الأخت الكبرى التي هربت معه!

ولد آصف شوكت عام 1950 في طرطوس منتميا لعائلة متوسطة، وهو شخص غامض وعائلته من “الرحل” واستوطنت قرية “المدحلة” ومعظمهم من العلويين

في سنة 1968 انتقل إلى دمشق ودرس الحقوق وتخرج سنة 1972 فاكتشف أنه لا يحب الحقوق! فالتحق بالجامعة مجددا لدراسة التاريخ!..

كانت أطروحته عن الثورة السورية الكبرى عام 1925 وزعمائها الريفيين فقط..! ثم فقد الاهتمام بالدراسة واستأجر خنزيرا لكتابة الأطروحة فكشفوه فأسقطوه!

أعاد كتابة الأطروحة وبالنفوذ حصل على شهادته وفي أكتوبر 1976 وتطوع بالكلية الحربية وتخرج كضابط مشاة ليلتحق سنة 1979 بالوحدات الخاصة.

رأس هذا الهالك سرية الاقتحام الخاصة التي شاركت بمذبحة حماة الشهيرة وكان شرسا على الأطفال والشيوخ والنساء وارتكب عدة حوادث اغتصاب.. وانتقل من الوحدات الخاصة إلى شعبة المخابرات سرية المداهمة.. وأصبح في كل محافظة سرية مداهمة تابعة إلى “الأمن العسكري”!..

آخر الاتهامات الموجه لـ “آصف” في 1985 هجوم على السفارة الأردنية في روما وتفجير مكتب الخطوط الجوية الأردنية “عالية” في مدريد!

وقد جعلت أعمال القتل من آصف ذو شان كبير فقرر حافظ والد بشار نقله إلى القصر الجمهوري “الحماية الأمنية – المرافقة الخاصة”!..

أوكلت إلى آصف بيه مهمة الحماية الأمنية الخاصة للدكتورة “بشرى حافظ الأسد” فالتقى بها وجها لوجه وكانت آنذاك جميلة تدرس الصيدلة في جامعة دمشق!..

بشرى أصغر من آصف بعشر سنوات.. ومع ذلك جعلها تحبه وتتعلق به رغم أنه متزوج وعنده عيال!..

كانت بشرى مرتبطة بخطبة رسمية مع شاب جميل وذكي هو الدكتور محسن بلال صديق العائلة الطبيب الشاب وعضو مجلس الشعب “آنذاك”!..

في سويسرا حيث ذهبت لشراء مجوهرات الخطوبة.. التقت صديقة لها تقيم هناك فوشت على الدكتور بلال بأنه زير نساء وأنه غازلها شخصيا!..

حضر الخطيب إلى جنيف للمشاركة بعملية اختيار الشبكة.. ففوجئ بأن بشرى عادت إلى دمشق!.. وبنفس يوم وصولها وعلى متن الطائرة التي أقلتها!..

بعدها حورب محسن بلال وحاولوا إسقاطه من مجلس الشعب فهدد بالانسحاب من الحزب.. فتدخل الأب لأن بلال كان طبيبه الخاص.. وقال له البنت ما بدها اياك!

عارض باسل الأسد ميول بشرى لآصف شوكت كونه متزوج وله أولاد وأكبر منها بكثير وأنه طامع بأموالها وسلطتها وأنه من “الرحل”!..

أصر آصف على حبه!.. فأمر باسل باعتقاله!.. وهكذا وضعه الأسد الصغير وراء القضبان ثم أفرج عنه بعد فترة نتيجة إلحاح أخته وتدخل حافظ الأسد، وتكرر اعتقال آصف وإطلاقه أربع مرات لمنعه من الاجتماع ببشرى وكانت مراقبة تحركات بشرى الأسد من قبل محمد ناصيف رئيس الفرع الداخلي آنذاك.

كانت التقارير ترسل إلى باسل، ثم تم نقل آصف إلى شعبة تجنيد طرطوس وصار مشبوها وابتعد الناس عنه لكن الفرج عليه وعلى بشرى جاء بموت باسل.. ففي 21 يناير 1994 كان باسل يقود سيارته بنفسه في طريقه إلى مطار دمشق وبرفقته ابن خاله حافظ مخلوف فانقلبت السيارة بسبب الضباب والسرعة فقتل باسل.

البعض اتهم رفعت الأسد عم باسل بقتله لشعوره أن باسل آنذاك هو منافسه الأهم على وراثة والده فلم يكن أحد يحسب حسابا لبشار.

بعد سنة واحدة من مقتل باسل نفذ صبر أصف وبشرى فقررا الهروب وفعلا غادرا سرا عن طريق تركيا إلى ايطاليا واتصلا من هناك بالرئيس وأعلنا زواجهما السري!

عقد الزواج شيخ علوي من قرى لواء اسكندرون وتزوجا بدون موافقة أي فرد من عائلة الأسد واستقرت بشرى وآصف في روما لمدة شهرين.. لكنهما عادا في الذكرى السنوية لوفاة باسل واشترت بشرى منزلا بالمزة وعندما استيقظت وجدت حراسة على البيت فاستفسرا ليتبين أن والدها يريد حمايتها.

قرر حافظ الأسد وضع حدا للكلام فاستدعاهم إلى القصر وتمت المصالحة والمصارحة والمصاهرة وانعم عليه الأسد بمباركته وأصبحت طلبات الصهر الوحيد لا ترد!

بدأ آصف بمصادقة بشار الأسد الذي عاد من لندن لملء فراغ باسل فبدأ بشار يعتمد بشدة على آصف بأمور المرافقة والحماية وبعلم الوالد حافظ، وكان دور آصف هو مساعدة اللواء بهجت سليمان لتهيئة بشار للوراثة وعام 1998 صار مفهوما أنه الرجل الأقوى بعد حافظ الأسد وهو ما ضايق الأسد.

كان أبرز المتضررين من هذا الوضع العماد علي دوبا والعماد حكمت الشهابي جراء تدخل آصف بكل كبيرة وصغيرة وخاصة في ملفات الجيش.

وأدى وجود آصف بهذه الصورة لغضب الحرس القديم مثل دوبا والشهابي وعلي أصلان وأمين عدرا واللواء حسن خليل…الخ

شن رفعت الأسد حملة ضد النظام عبر قناة ANN فأنتقد شوكت رفعت على فعله بوجود ماهر الأسد فغضب ماهر لأن هذا شأن عائلي.. فقال آصف أنا منكم!

غضب ماهر وأثنى على شقيقه باسل الذي منع الزواج في حياته ثم رفع المسدس على آصف ورماه فأصابه بمعدته!..

نقل شوكت إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت ولكن أطباء المستشفى نصحوا بنقله إلى مستشفى عسكري في باريس وتحت وساطة الأسد تمت مصالحته مع ماهر وبعدها بفترة قصيرة عين نائبا لرئيس المخابرات العسكرية (حسن خليل) ويقال انه هو صاحب القرار الفعلي

الدكتورة بشرى الأسد اكتشفت خيانة لزوجها مع فتاة أخرى في منزل في منطقة “قرى الأسد” حيث كانت تتابعه منذ فترة!..

هاجمت بشرى المنزل مع عناصر شقيقها ماهر الأسد وأشهرت مسدسا وأطلقت طلقتين على آصف (رواية أخرى لقصة إصابته)!..

يوم 10 يونيو 2000 توفي حافظ الأسد فاعتمد بشار بشدة على شوكت لتقوية موقعه وصار الرجل الأقوى حتى هلك.

كان الرجل الأقوى في سوريا من وراء الكواليس ومما يؤكد ذلك وقوفه مع بشار في جنازة الأسد وتقبله التعازي ولكن يجب أن نعلم أن آصف شوكت لم يكن معروفا بين النصيريين ولا يستند إلى أي قاعدة شعبية أو دينية فلا يستطيع أن يعتمد عليهم لدعمه فقوته مشتقة من عائلة الأسد ولا شك أن هناك الكثير من الضباط مستاءون من تقدمه السريع فهم أجدر وأقدم منه وكانت فرصته الوحيدة للبقاء في مركزه السياسي هو تحالفه مع بشار.

وبعد رحيل حافظ الأسد شغل آصف شوكت رئيس فرع امن القوات وهذا الفرع مختص بشؤون الجيش وضباطه فعلا تم ترتيب الأجواء داخل الجيش ونقل وعزل ضباط لإبعادهم عن أي حركة تقوم بها الجيش وأثناء عقد المؤتمر القطري بعد وفاة حافظ الأسد كان يشرف على وضع بعض الأسماء من القيادة المركزية والقيادة القطرية مع العقيد محمد سليمان وتم ترتيب الحزب بسرعة فائقة من ترتيب القيادة والأعضاء حيث أيدت القوى المعارضة السورية ومن بينهم التجمع الديمقراطي والإخوان المسلمين واعتبروا استلام بشار الأسد بداية للإصلاح والانفتاح السياسي كما رحبت القيادة السياسية بالانفتاح السياسي حتى مع أفراد المعارضة.

وفعلا تم تهيئة هذه الأجواء بمنح كافة المعارضة والمنفيين جوازات سفر لمدة سنة ورفع أسماء المنع عن المعارضين فتحت المنتديات وازدهر بما يسمى ربيع دمشق ولكن بعد سنة ونصف بدأت معالم الاستبداد الأمني والعقلية الأمنية تسيطر على التوجه السياسي السوري والتوجه السياسي الخارجي.

طبعا لاننسى ايضا المصالح الخاصة بالحزب الحاكم فتم توقيف تعميم منح جوازات السفر من قبل شعبة المخابرات وملاحقة بعض عناصر المجتمع المدني وأعضاء من ربيع دمشق وأشيع بان هذه الملاحقات تمت بعد أن رفض قادة سياسيين هذا الإصلاح.

الحقيقة أن العقلية العلوية المستبدة والأجهزة الأمنية والمنتفعون من الفساد الأمني والمالي أوقفوا كل الحراك السياسي الداخلي حيث الكثير من القياديين السياسيين والحزبين في سوريا كانوا ضد تدخل الأجهزة الأمنية وبعض من الأجهزة الأخرى في الشؤون الداخلية وشؤون المواطنين والشؤون الخارجية.

وأعطيت مناقصات الغاز والبترول إلى شركات أميركية ووكيلها محمد مخلوف طبعا بعد ما اكتشفتها الشركات الفرنسية وأعطيت كل الامتيازات إلى آل مخلوف والأسد والمنتفعين من وأشقاء آصف شوكت, وأصبحت سوريا تدار على أنها مزرعة خاصة ومنع هؤلاء المتنفذين بشار من أي إصلاح يمس سلطات العائلة، فتدمرت سورية!

 

بقلم / يوسف علاونة