آراؤهم

حلب و بوركينا فاسو !

لم أكن يوماً محللاً استراتيجياً يتصدر نشرات الأخبار أو خبيراً يرسم الخطط العسكرية، لتنتهي بعد ذلك بنكبات كعادة الخبراء العرب، إنما أنا إنسان بسيط أستشعر خطورة الموقف عندما سمع بسقوط حلب واستباحة أرضها وادرك تماماً أنه هو التالي في قادم الأيام .. فجدار الصد الأخير لجزيرة العرب قد سقط أو شارف على السقوط، إن الأمر لا يحتاج كثيراً من الفهم والدهاء ليعرف المرء ما الذي حدث، وما الذي سيحدث فالمشهد اليوم بات أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، إيران تتمدد هذا كل شي، هذا يكفي لتدرك حجم الخطر وهول ما هو آت، هي تلتهم البلاد العربية بلداً تلو الآخر تتسع رقعتها وتزداد سطوتها وتقوى شوكتها، وينبسط نفوذها ولنتذكر قبل ستة وثلاثين عاماً مضى أين كانت حدودها وأين أصبحت اليوم، موازين القوى تختل أمام أعيننا كإختلال سياستنا الخارجية تماماً.

ما حققته إيران في العقود الثلاثة الماضية سيتضاعف وبوتيرة مرعبة، وفي زمن قياسي فشراهة إيران التوسعية ستزداد دافعها الأول أحلامها الكسروية القديمة ومحركها هي نشوة الانتصارات المتتالية والفراغ السياسي، إيران هي الخطر المحدق علينا كشعوب عربية وخليجية على وجه التحديد وهي مستقبلنا الأسود ما لم تنفض دول الخليج عنها رداء المهادنة والبلاهة السياسية، كل الأمور أصبحت واضحة كفلق الصبح بإستثناء بلادة أنظمة الخليج تجاه ما يجري في سورية، وكأن الأمر لا يعنيها بشي. هذا ما لم أستطع فهمه وغيري كثيرين، كأن الحرب تدور رحاها في سهول الملح وسط بوليفيا لا على بعد بضع مئات من الكيلو مترات عنا.
صحيح انهم انتفضوا و أعلنو إيقاف نشاطاتهم الموسيقية والاحتفالية كنوع من الامتعاض و كرد على العدوان، ولكن هذا وحده غير كافٍ لإيقاف التمدد الفارسي.

قد لا نملك في هذه اللحظات ترف الاختيار، فالخيارات تضيق مع مرور الوقت والوقت أصبحت ساعاته تقاس بالكيلو مترات من الأرضي العربية المحتلة ودقائقه بالدم النازف هناك.

فلندرك ما تبقي من سوريا قبل وات الآوان، قبل أن يطرق الجحيم أبواب الجزيرة العربيه هذا إن لم يكن قد طرقها فعلاً.

التمدد الإيراني سيزحف قريباً إلى وجهته التالية وبكل تأكيد لن تكون وجهته بوركينا فاسو.