محمد فاروق الامام
كتاب سبر

ماذا يريد بوتين من سورية ومن السوريين؟

بعد كل الجرائم التي ارتكبها والوحشية التي نفذها بحق الشعب السوري والمدن السورية ماذا يريد بوتين من سورية ومن السوريين ليدعو لمؤتمر في أستانة عاصمة قازخستان؟

يدّعي هذا المجرم أنه يسعى لحل الصراع في سورية، وكأنه ليس طرفاً في هذا الصراع، الذي كان وراءه منذ انطلاقة ثورة الشعب السوري على حاكم ظالم سادي متجبر، واجه المتظاهرين العزل بالرصاص، فقتل الآلاف واعتقل الآلاف وهجّر الآلاف وأجبر الآلاف على النزوح من بلدانهم وبيوتهم، كل ذلك والشعب صابر ومصابر يواجه بصدوره العارية رصاص النظام لأكثر من ستة أشهر، إلى أن اضطر الشباب لحمل السلاح بما تيسر لهم الوصول إليه ليدافعوا به عن أنفسهم وأهليهم وذويهم، ولم يكن هدفهم قتل جنود الجيش الذي يضم أبناءهم وأبناء وطنهم، وينتظرون من هذا الجيش الذي صرفوا عليه عرق جبينهم ولقمة عيشهم لسنين طويلة، ليكون الحامي لحياض الوطن والسياج الذي يدفع عن الشعب عاديات الدهر، ولم يخطر في بالهم أن هذا الجيش قد تغيرت بوصلته من حماية الوطن إلى حماية النظام ورئيسه وأركانه، فقد تجسدت شعارات هذا الجيش برسوم خطها على جدران المؤسسات ودوائر الحكومة والأبنية العامة والساحات والميادين (الأسد أو نحرق البلد)، وبالفعل بدأ بحرق البلد بسلاح فتاك حارق ومدمر زودته به روسيا بوتين، قتل بها ما يزيد على نصف مليون مواطن سوري وغيب في سجونه ومعتقلاته نحو هذا العدد، وأجبر ما يزيد على عشرة ملايين مواطن على الهجرة خارج الوطن والنزوح داخله.

مجرم الحرب بوتين عندما وجد أن دعم النظام بالسلاح لم يعد يجدي قرر بكل هيبته وترسانته الحربية المتطورة زجها في الدفاع عن الأسد ونظامه، وأخذ مهمة قتل السوريين وتدمير المدن السورية على كاهله، وكان آخر إجرامه ما فعله بمدينة حلب الشهباء، التي بقية عصية على النظام وحلفائه من ميليشيات الحقد الطائفي، التي جيشتها إيران من العراق ولبنان وباكستان وأفغانستان لأكثر من خمس سنوات، لم تفلح خلالها التقدم شبراً واحداً داخل الأحياء التي كان يدافع عنها ثوار حلب وأبنائها.

بوتين الذي أخذته العزة بالإثم تقدم الصفوف وتبنى أهداف النظام المجرم في قتل السوريين وتدمير المدن السورية، في غياب العالم وموت ضميره الإنساني، واتبع سياسة الأرض المحروقة كما فعل في الشيشان، وأخذ يلقي حمم صواريخه وقنابله على المدن السورية، مركزاً جحيمها على مدينة حلب، تحت شعار ممجوج كان يردده في إعلامه وأعلام النظام (محاربة الإرهاب)، وكان الإرهاب الذي يوجه إليه هذه الحمم القاتلة والمدمرة لا يوجد إلا في المدارس والمستشفيات والمساجد والأفران والأسواق الشعبية ومراكز الدفاع المدني والعمارات السكنية، حتى أتى الدمار على كامل حلب الشرقية، وغدى الناس يتمنون الموت السريع على الموت تحت أنقاض بيوتهم ومنازلهم، وهذا ما فعله أكابر مجرميها من الروس بتوجيه رأس الإجرام ومصممه بوتين.

بوتين الذي لا يستحي من ثوب العهر الذي اختاره لباساً له، يريد أن يكون الخصم والحكم بعد كل ما ارتكبه من مجازر وبوائق وفظائع بحق الشعب السوري والمدن السورية، هو يريد أن يفرض على السوريين نظاماً سادياً جديداً قد يختلف باللون ولكنه لا يختلف بالمذاق المر، الذي تجرعه الشعب السوري لنحو نصف قرن، وهيهات هيهات أن يقبل الشعب السوري بمثل هذه اللعبة القذرة مهما قتل بوتين ومهما دمر فقد قالها الشعب السوري منذ اليوم الأول لثورته: (الموت ولا الدنية).

بقلم / محمد فاروق الإمام