كتاب سبر

ثرثرة الاغلبية

تحذير: هذا المقال ليس مخصصا لمن اعتاد على استهلاك الواقع.

الفرد و المجتمع ليسو وجهان لعملة واحدة بل هم الوجه ذاته لذات العملة، حيث ان اخفاقات الفرد تعني فشل المجتمع و اخفاقات المجتمع هي فشل الفرد، فلا يمكن ان ننسلخ عن واقعنا مهما كان مريرا باعتقادنا، و لا يمكن للمجتمع ان ينسلخ من اي فرد لانه جزء منه بحكم الواقع، و في ظل ذلك لم يكل الفرد او يمل عن الاستمرار منذ الازل بالبحث عن الكمال في كل الامور.

بين الواقع الغير مُرضي لأغلبنا و البحث عن الكمال الاجتماعي و الاجتهاد للوصول للرضى في مسيرتنا الحياتية القصيرة نجد الذين حاولوا جاهدين لصنع تلك اللحظات الفارقة في مجريات التاريخ و احداثه الاجتماعية و من الممكن ان نختلف على كيفية عملهم لذلك او دوافعهم لعمله ولكن لا نختلف ابدا على وجود هذه الشخصيات التي جاهدت بكل ما تحمله الكلمة من معنى لكسر الاغلال الواقعية و تبديلها، و نجد على الجانب الآخر الذين يكتفون بالتذمر فقط و هم “المتحلطمين” باللهجة الكويتية و هم يمتازون بكثرة الثرثرة و الكلام و قلة الافعال و الاعمال  فتأقلمو مع واقعهم حتى لو كان لا يعجبهم.

المتحلطمين هم اولئك الاشخاص الذين لا يعدو فعلهم كونه التلفظ ببعض الكلمات العابرة التي لا تغني و لا تسمن من جوع و لا تغير الواقع الذين يتذمرون منه، و لا يتعدى خطابهم الحناجر و كأنهم “مسجلات” او “ببغاوات” فجل قولهم ينحصر في ان الامر الفلاني ليس جيدا و ذاك الامر ليس ملائما و هكذا مو دون افعال لو اجتهاد لتغييرها، ولا ينم ذلك الا عن الضعف و الخوف من البدأ في التغير الذي نريد ان نراه في مجتمعاتنا، و كأن دور هؤلاء يقتصر على القول فقط و انتظار الغير لفعل ما يريدونه و كأنهم استأجرو الآخرين للعمل على وصاياهم السَمِجه.

إن كان امر ما لا يعجبني في المجتمع فلا افهم ما الذي يمنعني عن السعي في تغيره كوني فرد فيه، و ان لم استطع تغيره فلقد حاولت على الاقل، فكون اننا نكتفي بإنتقاد امر معين في مجتمعنا ولا نسعى باي حال لتغيره فنحن نشارك مشاركة واضحة في الجريمة و الخطأ ان وجد، فلا يجب ان نتخاذل او نتقاعس عن فعل شي بحجة اننا لا نستطيع عمله، فاذا كنا لم نحاول بالاساس كيف نعرف بأننا لن نستطيع؟

الزبدة اني ارفع القبعة لكل فرد ساهم في لحظة من لحظات حياته بالسعي لتغيير المجتمع و تغير نفسه لما يراه صحيحا بغض النظر عن النتيجة، و اقف حبا و احتراما لكل من شارك حتى ولو بأصغر الاشياء ليرى التغير الذي يريد ان يشهده له و لغيره، ففي نفس هذا السياق قال المهامتا غاندي “كن انت التغيير الذي تريد ان تراه في العالم”، و هنا نطرح سؤالا هل شاركت انت في صنع واقعك الذي تعيشه اليوم؟، ام ان هنالك من صنعه لك و اكتفيت انت بالاستهلاك والتأقلم؟

ملاحظة: لا يمكن تحقيق التطور و التقدم من خلال ثرثرة الأغلبية بل ان تحقيقها يتَطَلب جهودا عبقرية.

بكيبورد/ حمد الخضري

الوسوم