أقلامهم

الثوب السويسري العماني

انضمام سلطنة عمان للتحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب مكسب للسلام في المنطقة، إذا كانت هنالك نوايا حقيقية لوضع نهاية للحرب المدمرة في اليمن. كتب الكثيرون عن مبررات وأسباب انضمام السلطنة المتأخر للتحالف، وما إذا كانت الدولة العمانية قد نزعت العباءة السويسرية في حيادها المطلق بشأن النزاع في اليمن، وقررت العودة لـ”الحضن الخليجي”، كما تطرح بعض الخطابات الانفعالية لعدد من وسائل الإعلام التي تسكب الزيت على نار الحرب، بوعي أو بجهل ولا مبالاة نحو مستقبل المنطقة ونزيفها الإنساني، أولاً، والاقتصادي بالدرجة الثانية في حرب اليمن.

المطلوب تحديداً الآن من السلطنة هو ذلك “الثوب السويسري” لتقوم بالدور المفترض منها لتقريب وجهات النظر بين دول الخليج من جهة، والجمهورية الإيرانية من جهة أخرى، في حرب اليمن “الحزين”، فلم يعد هناك جدوى من نزيف الدم في ذلك البلد الفقير اليوم، والغني بتاريخه القديم، وأصبحت هناك قناعة بأنه يستحيل على أي طرف تحقيق انتصار عسكري حاسم كي يملي شروطه في النهاية، وهناك كارثة المجاعة التي يدفع أطفال اليمن ثمنها كل يوم دون ذنب، بينما العالم منشغل عنهم بهمومه، كلها أسباب تدفع لمحاولة الصلح من جديد بصيغة لا غالب ولا مغلوب التي يفترض الاقتناع بها اليوم، وفشل مفاوضات الكويت بين المتحاربين قبل فترة لا يعني أن تتوقف مساعي الصلح في هذا الوقت الصعب، إذا أُدخلت الجمهورية الإيرانية كطرف يمكن أن يجلس على طاولة المفاوضات التي يمكن أن نتخيل مكانها في سلطنة عمان.

يمكن أن نستشف روح التفاؤل للسلام ضمنياً من البيان العماني بأن السلطنة “تبذل كل الجهود مع الأشقاء والأصدقاء لتوفير بيئة إقليمية يسودها الأمن والسلام”. هنا تبدي الدولة العمانية صراحةً استعدادها لتبني دور الوسيط المحايد لأي مشروع نحو السلام في اليمن، وبحكم هذا الحياد ستكون الدولة العمانية مؤهلة أكثر من غيرها لتكون المكان المناسب لمفاوضات السلام.

يبقى أن نعرف أن استمرار حرب اليمن يعني إطالة استنزاف موارد دول الخليج المالية في وقت هي أشد ما تكون لضبطها وترشيدها، بعد تهاوي أسعار النفط، فلا مستفيد من هذه الحرب غير وكلاء صفقات السلاح في دولنا وشركات ومصانع دولها، وقد ظهروا كمصاصي دماء يعيشون بثرائهم وبذخهم على دماء وبؤس أطفال اليمن، وكم هو مثير للحزن أن نطالع عدداً من الأدبيات الإعلامية الغربية حين تشخص هذه الحرب بأنها تلك “التي تشنها أغنى دول المنطقة ضد أفقر دولة”.

كم نحن بحاجة إلى لغة السلام الآن وإحلالها مكان خطاب الحرب! فهل يوجد من يستمع لصوت العقل والواقع؟!