عربي وعالمي

مارتين شولتز .. من كرة القدم إلى أضيق حلقات المعترك السياسي في ألمانيا وأوروبا

حسم الاشتراكيون الديمقراطيون الألمان نقاشا مستمرا منذ أسابيع حول مرشحهم الذي سينافس المستشارة الألمانية انغيلا ميركل على منصبها في نهاية سبتمبر المقبل باختيار رئيس البرلمان الأوروبي السابق مارتين شولتز الذي يعد وجها جديدا في المعترك السياسي الداخلي بألمانيا.

ولن يكتفي الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنافس التقليدي لحزب ميركل المحافظ المسيحي الديمقراطي بتقديم وجه جديد للناخب الألماني فحسب بل قدموا أيضا شخصية سياسية تعرف بأفكارها الجديدة وبقدرتها على استنهاض مشاعر الناخب ولكن قبل كل شيء شخص سلك طريقا غير تقليدي إلى الحياة السياسية في أوروبا وألمانيا.

وفي حين يفضل معظم السياسيين الأوروبيين الالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا قبل الانضمام إلى أحد الاحزاب السياسية تخلف شولتز عن المدرسة وطرد منها بسبب علاماته المتدنية في مجال العلوم ليقرر تحقيق حلمه كلاعب كرة قدم محترف.

وتمكن شولتز بالفعل من شق طريقه كلاعب كرة قدم وحمل شارة قائد فريق (رينانيا فورسيلن) الذي لعب في الدوري المناطقي بألمانيا قبل تعرضه لإصابة بالغة ابعدته عن الملاعب وحطمت احلامه كلاعب كرة قدم.

وفي سن ال 24 وقع شولتز في فخ البطالة وادمان الكحول ولكنه تمكن لاحقا من الاقلاع عن تناوله وتعلم مهنة تجارة الكتب الأمر الذي أهله لفتح متجر لبيع الكتب قبل الالتحاق بعالم السياسة.

ويقر شولتز البالغ 61 عاما والذي ولد في ولاية (شمال الراين وستفاليا) غرب ألمانيا بأنه تأثر في بداية مشواره السياسي بشخصية والده وفيلي برانت أحد الاعضاء المؤسسين للحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي أصبح لاحقا مستشارا لألمانيا.

وقرر شولتز عام 1972 الانضمام إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي متأثرا بسياسة والده الذي عرف بسعيه إلى المصالحة بين حلفي شمال الأطلسي ووارسو وتمكن بالفعل من ازالة كثير من الغبار عن العلاقات بين شرق أوروبا وغربها نتيجة الحرب العالمية الثانية وتقسيم ألمانيا.

وفي عام 1987 أصبح شولتز في سن ال 31 عاما عمدة في مسقط رأسه مدينة (فورسلن) الأمر الذي مهد الطريق أمامه في عام 1994 للفوز بمقعد في البرلمان الأوروبي.

وترأس عام 1999 الكتلة النيابية للاشتراكيين الديمقراطيين الألمان في البرلمان الأوروبي.

وسطع نجم شولتز في عام 2003 عندما خاض نقاشا حادا مع رئيس الوزراء الايطالي الأسبق سيلفيو برلوسكوني متهما اياه بخرق قيم الديمقراطية ودولة القانون الامر الذي أدى إلى اندلاع ملاسنة بين المسؤولين خرجت عن المألوف في اللهجة السياسية.

وفي عام 2004 تمكن من الحصول على 1ر98 بالمئة من أصوات مندوبي الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية في البرلمان الأوروبي ليصبح رئيسا للكتلة النيابية لهذه الأحزاب.

وبدأ شولتز عام 2009 بالظهور على سطح السياسة الألمانية بعد الهزيمة القاسية التي مني بها حزبه في الانتخابات البرلمانية للعام ذاته وذلك من خلال تسلمه منصب مفوض الحزب الاشتراكي الديمقراطي للشؤون الأوروبية.

وفي عام 2012 حانت لشولتز فرصة دخول الحياة السياسية من بابها العريض وتم انتخابه في الجولة الأولى وبأغلبية ساحقة رئيسا للبرلمان الأوروبي.

وانتخب عام 2014 في مؤتمر للاشتراكيين الأوروبيين كمرشح لخوض انتخابات المفوضية الأوروبية ولكنه خسر هذه الانتخابات أمام المحافظ جان كلود يونكر.

وفي نهاية نوفمبر من العام الماضي أعلن شولتز انه سيستقيل من منصبه رئيسا للبرلمان الأوروبي وسيعود إلى ألمانيا وتحديدا إلى العاصمة برلين الأمر الذي اعتبره المراقبون قرارا ضمنيا بخوض الانتخابات البرلمانية الألمانية في صفوف حزبه الاشتراكي الديمقراطي.

وبالفعل أعلن رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي سيغمار غابرييل أول أمس الثلاثاء انه سيستقيل من منصبه رئيسا للحزب مقترحا مارتين شولتز في مكانه وبعد ساعات من ذلك اكد الحزب رسميا ان شولتز سيتسلم رئاسة الحزب الامر الذي يعني تلقائيا خوضه الانتخابات البرلمانية القادمة في 24 سبتمبر المقبل عن الاشتراكيين الديمقراطيين.

ويعرف شولتز بمواقفه المباشرة والصريحة كتوجيهه انتقادات لاذعة لدول أوروبا الشرقية على خلفية رفضها تقاسم أعباء اللاجئين مع الدول المستقبلة لهم لاسيما بلده ألمانيا الأمر الذي جلب له بعض المصاعب والانتقادات من حكومات دول أوروبية شرقية.

كما يعرف شولتز بموقفه الداعي إلى تقوية مؤسسات الاتحاد الاوروبي كرد فعل على تيارات سياسية سماها ب”اشباح القرن ال20″ في إشارة منه الى اليمينيين المتطرفين والشعبويين ودعواته إلى إصلاح مؤسسات الاتحاد الأوروبي.

ومن المواقف التي ستبقى عالقة في عقول الناخبين الخطاب الذي القاه شولتز في بداية 2014 في (الكنيست) الاسرائيلي منتقدا بشكل مباشر السياسة الاستيطانية الاسرائيلية.

ونال بسبب هذا الخطاب انتقادات حادة من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو فيما غادر جميع أعضاء الكتلة النيابية لحزب (إسرائيل بيتنا) مقر البرلمان الاسرائيلي أثناء القائه الخطاب.